قوله تعالى : { بل الإنسان على نفسه بصيرة } .
اعلم أنه تعالى لما قال : ( ينبئ الإنسان ) يومئذ بأعماله ، قال : بل لا يحتاج إلى أن ينبئه غير غيره ، وذلك لأن نفسه شاهدة بكونه فاعلا لتلك الأفعال ، مقدما عليها ، ثم في قوله : { بصيرة } وجهان ( الأول ) قال الأخفش جعله في نفسه بصيرة كما يقال : فلان جود وكرم ، فهاهنا أيضا كذلك ، لأن الإنسان بضرورة عقله يعلم أن ما يقربه إلى الله ويشغله بطاعته وخدمته فهو السعادة ، وما يبعده عن طاعة الله ويشغله بالدنيا ولذاتها فهو الشقاوة ، فهب أنه بلسانه يروج ويزور ويرى الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق ، لكنه بعقله السليم يعلم أن الذي هو عليه في ظاهره جيد أو رديء ( والثاني ) أن المراد جوارحه تشهد عليه بما عمل فهو شاهد على نفسه بشهادة جوارحه ، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومقاتل وهو كقوله : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم } وقوله : { وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم } وقوله : { شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم } فأما تأنيث البصيرة ، فيجوز أن يكون لأن المراد بالإنسان هاهنا الجوارح كأنه قيل : بل جوارح الإنسان ، كأنه قيل بل جوارح الإنسان على نفس الإنسان بصيرة ، وقال أبو عبيدة هذه الهاء لأجل المبالغة كقوله : رجل راوية وطاغية وعلامة .
واعلم أنه تعالى ذكر في الآية الأولى أن الإنسان يخبر يوم القيامة بأعماله . ثم ذكر في هذه الآية أنه شاهد على نفسه بما عمل ، فقال الواحدي هذا يكون من الكفار فإنهم ينكرون ما عملوا فيختم الله على أفواههم وينطق جوارحهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.