ثم إنه تعالى ذكر علامات القيامة فقال : { فإذا برق البصر ، وخسف القمر ، وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى ذكر من علامات القيامة في هذا الموضع أمورا ثلاثة ( أولها ) قوله : { فإذا برق البصر } قرئ بكسر الراء وفتحها ، قال الأخفش : المكسورة في كلامهم أكثر والمفتوحة لغة أيضا ، قال الزجاج : برق بصره بكسر الراء يبرق برقا إذا تحير ، والأصل فيه أن يكثر الإنسان من النظر إلى لمعان البرق ، فيؤثر ذلك في ناظره ، ثم يستعمل ذلك في كل حيرة ، وإن لم يكن هناك نظر إلى البرق ، كما قالوا : قمر بصره إذا فسد من النظر إلى القمر ، ثم استعير في الحيرة ، وكذلك بعل الرجل في أمره ، أي تحير ودهش ، وأصله من قولهم : بعلت المرأة إذا فاجأها زوجها ، فنظرت إليه وتحيرت ، وأما برق بفتح الراء ، فهو من البريق ، أي لمع من شدة شخوصه ، وقرأ أبو السمال بلق بمعنى انفتح ، وانفتح يقال : بلق الباب وأبلقته وبلقته فتحته .
المسألة الثانية : اختلفوا في أن هذه الحالة متى تحصل ؟ فقيل : عند الموت ، وقيل : عند البعث وقيل : عند رؤية جهنم ، فمن قال : إن هذا يكون عند الموت ، قال : إن البصر يبرق على معنى يشخص عند معاينة أسباب الموت ، والملائكة كما يوجد ذلك في كل واحد إذا قرب موته ، ومن مال إلى هذا التأويل ، قال : إنهم إنما سألوه عن يوم القيامة ، لكنه تعالى ذكر هذه الحادثة عند الموت والسبب فيه من وجهين : ( الأول ) أن المنكر لما قال : { أيان يوم القيامة } على سبيل الاستهزاء فقيل له : إذا برق البصر وقرب الموت زالت عنه الشكوك ، وتيقن حينئذ أن الذي كان عليه من إنكار البعث والقيامة خطأ ( الثاني ) أنه إذا قرب موته وبرق بصره تيقن أن إنكار البعث لأجل طلب اللذات الدنيوية كان باطلا ، وأما من قال بأن ذلك إنما يكون عند قيام القيامة ، قال : لأن السؤال إنما كان عن يوم القيامة ، فوجب أن يقع الجواب بما يكون من خواصه وآثاره ، قال تعالى : { إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.