السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا} (6)

وقوله تعالى : { عيناً } في نصبه أوجه : أحدها : أنه بدل من { كافوراً } لأنّ ماءها في بياض الكافور وفي رائحته وبرده واقتصر على هذا الجلال المحلي .

الثاني : أنه بدل من محل { من كأس } قاله مكي ولم يقدّر حذف مضاف ، وقدّر الزمخشري على هذا الوجه حذف مضاف ، قال : كأنه قيل : يشربون خمراً خمر عين . الثالث : أنه نصب على الاختصاص قاله الزمخشري . الرابع : أنه بإضمار أعني قاله القرطبي ، وقيل : غير ذلك .

{ يشرب بها } قال الجلال المحلي : منها . وقال البقاعي : أي : بمزاجها . وقال الزمخشري : بها الخمر ، قال : كما تقول شربت الماء بالعسل والأوّل أوضح . { عباد الله } أي : أولياؤه .

فإن قيل : الكفار عباد الله وهم لا يشربون منها بالاتفاق ؟ أجيب : بأنّ لفظ عباد الله مختص بأهل الإيمان ولكن يشكل بقوله تعالى : { ولا يرضى لعباده الكفر } [ الزمر : 7 ] فإنه يصير تقدير الآية ولا يرضى لعبادة المؤمنين الكفر مع أنه سبحانه لا يرضى الكفر للكافر ولا لغيره ، وقد يجاب بأنّ هذا أكثري لا كلي ، أو يقال : حيث أضيف العباد أو العبد إلى اسم الله الظاهر سواء كان بلفظ الجلالة أم لا فالمراد به المؤمن ، وإن أضيف إلى ضميره تعالى فيكون بحسب المقام ، فتارة يختص بالمؤمن كقوله تعالى : { إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان } [ الحجر : 42 ] وتارة يعمّ كقوله تعالى : { ولا يرضى لعباده الكفر } وقوله تعالى : { نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم } [ الحجر : 49 ] { يفجرونها } أي : يجرونها حيث شاؤوا من منازلهم وإن علت { تفجيراً } سهلاً لا يمتنع عليهم .