روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

{ قُلْ } أي للكفرة تحقيقاً للحق وتنبيهاً لهم على أن مخالفتك لهم بعدم عبادتك ما يعبدون من الملائكة عليهم السلام ليس لبغضك وعداوتك لهم أو لمعبوديهم بل إنما هو لجزمك باستحالة ما نسبوا إليهم وبنوا عليه عبادتهم من كونهم بنات الله سبحانه وتعالى { إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين } أي لذلك الولد وكان بمعنى صح كما يقال ما كان لك أن تفعل كذا وهو أحد استعمالاتها ، و { أَوَّلُ } أفعل تفضيل والمفضل عليه المقول لهم ، وجوز اعتبار ذلك مطلقاً ، والمراد إظهار الرغبة والمسارعة ، والمنساق إلى الذهن الأول .

ووجه الملازمة أنه عليه الصلاة والسلام أعلم الناس بشؤنه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأحرصهم على مراعاة حقوقه وما توجبه من تعظيم ولده سبحانه فإن حق الوالد على شخص يوجب عليه تعظيم ولده لما أن تعظيم الولد تعظيم الوالد ، فالمعنى إن كان للرحمن ولد وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها فإنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له كما يعظم الرجل ولد الملك لعظم أبيه ، وهذا نفي لكينونة ولد له سبحانه على أبلغ وجه وهو الطريق البرهاني والمذهب الكلامي ، فإنه في الحقيقة قياس استثنائي استدل فيه بنفي اللازم البين انتفاؤه وهو عبادته صلى الله عليه وسلم للولد على نفي الملزوم وهو كينونة الولد له سبحانه ، وذلك نظير قوله تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] لكنه جيء بأن دون لو لجعل ما في حيزها بمنزلة ما لا قطع بعدمه على طريق المساهلة وإرخاء العنان للتبكيت والإفحام .

/ وفي الكشف أن في الآية مبالغة من حيث أنه جعل الممكن في نفسه أعني عبادته عليه الصلاة والسلام لما يدعونه ولداً محالاً فهو نفي لعبادة الولد على أبلغ وجه حيث جعل مسبباً عن محال ثم نفي للولد كذلك من طريق آخر وهو أنه لما لم يعبد صلى الله عليه وسلم الولد مع كونه أولى بعبادته لو كان دل على نفيه ، ونحوها ذكر في الآية مروياً عن قتادة . والسدى . والطبري .

وأخرج عبد الرزاق . وعبد بن حميد . وابن جرير عن مجاهد أن المعنى قل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول من عبد الله تعالى وحده وكذبكم بما تقولون فالمراد من كونه عليه الصلاة والسلام أول العابدين كونه صلى الله عليه وسلم من ينكر ذلك عليهم ، والملازمة في الشرطية باعتبار أن نسبتهم الولد له تعالى تقتضي أن يكذبهم النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون أول من ينكره لأنه صاحب الدعوة إلى التوحيد ، وقد خفى ذلك على الإمام فنفى صحة هذا الوجه ، وتكلف بعضهم فقال : إن تسبب الجزاء عن الشرط عليه باعتبار الأولية في العبادة والتوحيد من بينهم فإنهم إذا أطبقوا على ذلك الزعم يكون النبي صلى الله عليه وسلم أولهم في عبادة الله تعالى وحده لا محالة ، وقيل : إن السببية باعتبار الأخبار والذكر نحو أن تضربني فأنا لا أضربك وهو أولى مما قبله ، والإنصاف أن الارتباط خفي لا يظهر إلا لمجاهد ، وحكى أبو حاتم عن جماعة ولم يسم أحداً منهم أن { العابدين } من عبد يعبد كفرح يفرح إذا أنف من الشيء ، ومنه قوله :

وأعبد أن اهجو كليباً بدارم *** وقول الآخر :

متى ما يشأ ذو الود يصرم خليله *** ويعبد عليه لا محالة ظالماً

أي أن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين من الولد أو من كونه لله سبحانه ونسبته له عز وجل . وروي نحو هذا عن ابن عباس أخرج الطستي عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : { فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين } فقال : أنا أول من ينفر عن أن يكون لله تعالى ولد ، وأيد ذلك بقراءة السلمي .

واليماني { العابدين } جمع عبد كحذر وحذرين وهو المعروف في معنى أنف وقلما يقال فيه فابد ، ومن هنا ضعف ابن عرفة هذا الوجه لما فيه من استعمال ما قل استعماله في كلامهم ، وذكر الخليل في كتاب «العين » أنه قرىء { العابدين } بسكون الباء تخفيف العبدين بكسرها ، وقال أبو حاتم : العبد بكسر الباء الشديد الغضب ، وقال أبو عبيدة : العرب تقول عبدني حقي أي جحدني ، وروي عن الحسن . وابن زيد . وزهير بن محمد وهو رواية عن ابن عباس . وقتادة . والسدى أيضاً أن { ءانٍ } نافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال ذلك وعبد ووحد ، و { كَانَ } عليه للاستمرار والمقصود استمرار النفي لا نفي الاستمرار والفاء للسببية . وتعقب بأنه خلاف الظاهر مع خفاء وجه السببية أو حسنها ، وزعم مكي أنه لا يجوز لا يهامه نفي الولد فيما مضى وهو كما ترى .

وقرأ عبد الله . وابن وثاب . وطلحة . والأعمش . وحمزة . والكسائي كما قال القاضي { وَلَدَ } بضم الواو وسكون اللام جمع ولد بفتحهما .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

قوله تعالى : { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } يعني إن كان للرحمن ولد ، فأنا أول من أعبده بذلك ، ولكن لا ولد له . وقيل : العابدين بمعنى الآنفين ، يعني أول الجاحدين والمنكرين لما قلتم . ويقال : معناه : أنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد ، يقال : عبد يعبد إذا أنف وغضب عبدا . وقال قوم : قل ما يقال : عبد فهو عابد ، إنما يقال : عبد فهو عبد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"قُلْ إنْ كانّ للرّحْمَنِ وَلَدٌ فَأنا أوّلُ العابِدِينَ"؛ فقال بعضهم: في معنى ذلك: قل يا محمد إن كان للرحمن ولد في قولكم وزعمكم أيها المشركون، فأنا أوّل المؤمنين بالله في تكذيبكم، والجاحدين ما قلتم من أن له ولدا... وقال آخرون: بل معنى ذلك: قل ما كان للرحمن ولد، فأنا أوّل العابدين له بذلك...

وقال آخرون: بل معنى ذلك نفي، ومعنى "إن "الجحد، وتأويل ذلك ما كان ذلك، ولا ينبغي أن يكون... وفي قوله: "فَأنا أوّلُ العابِدِينَ" أوّل من يعبد الله بالإيمان والتصديق أنه ليس للرحمن ولد على هذا أعبد الله...

وقال آخرون: معنى «إن» في هذا الموضع معنى المجازاة، قالوا: وتأويل الكلام: لو كان للرحمن ولد، كنت أوّل من عبده بذلك...

وقال آخرون: معنى ذلك: قل إن كان للرحمن ولد، فأنا أوّل الآنفين ذلك، ووجهوا معنى العابدين إلى المنكرين الآبين، من قول العرب: قد عبِد فلان من هذا الأمر إذا أنِف منه وغضب وأباه، فهو يعبَد عَبدا...

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معنى: إنْ الشرط الذي يقتضي الجزاء... وذلك أن «إن» لا تعدو في هذا الموضع أحد معنيين: إما أن يكون الحرف الذي هو بمعنى الشرط الذي يطلب الجزاء، أو تكون بمعنى الجحد، وهب إذا وجهت إلى الجحد لم يكن للكلام كبير معنى، لأنه يصير بمعنى: قل ما كان للرحمن ولد، وإذا صار بذلك المعنى أوهم أهل الجهل من أهل الشرك بالله أنه إنما نفى بذلك عن الله عزّ وجلّ أن يكون له ولد قبل بعض الأوقات، ثم أحدث له الولد بعد أن لم يكن، مع أنه لو كان ذلك معناه لقدر الذين أمر الله نبيّه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: ما كان للرحمن ولد، فأنا أوّل العابدين أن يقولوا له صدقت، وهو كما قلت، ونحن لم نزعم أنه لم يزل له ولد. وإنما قلنا: لم يكن له ولد، ثم خلق الجنّ فصاهرهم، فحدث له منهم ولد، كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولونه، ولم يكن الله تعالى ذكره ليحتجّ لنبيه صلى الله عليه وسلم وعلى مكذّبيه من الحجة بما يقدرون على الطعن فيه، وإذ كان في توجيهنا «إن» إلى معنى الجحد ما ذكرنا، فالذي هو أشبه المعنيين بها الشرط. وإذ كان ذلك كذلك، فبينة صحة ما نقول من أن معنى الكلام: قل يا محمد لمشركي قومك الزاعمين أن الملائكة بنات الله: إن كان للرحمن ولد، فأنا أوّل عابديه بذلك منكم، ولكنه لا ولد له، فأنا أعبده بأنه لا ولد له، ولا ينبغي أن يكون له.

وإذا وجه الكلام إلى ما قلنا من هذا الوجه، لم يكن على وجه الشكّ، ولكن على وجه الإلطاف في الكلام وحُسن الخطاب، كما قال جلّ ثناؤه: "قُلِ اللّهُ وأنا أوْ إيّاكُمْ لَعَلى هُدًى أوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" [سبأ: 24].

وقد علم أن الحقّ معه، وأن مخالفيه في الضلال المبين.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ} وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها {فَأَنَاْ أَوَّلُ} من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه، وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض، وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{قل} يا محمد {إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} لذلك الولد وأنا أول الخادمين له، والمقصود من هذا الكلام بيان أني لا أنكر ولده لأجل العناد والمنازعة، فإن بتقدير أن يقوم الدليل على ثبوت هذا الولد، كنت مقرا به معترفا بوجوب خدمته؛ إلا أنه لم يوجد هذا الولد، ولم يقم الدليل على ثبوته البتة، فكيف أقول به؟ بل الدليل القاطع قائم على عدمه، فكيف أقول به وكيف أعترف بوجوده؟...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{قُلْ} أي للكَفرةِ تحقيقاً للحقِّ وتنبيهاً لهم على أنَّ مخالفتَكَ لهم بعدمِ عبادتِك لما يعبدونَهُ من الملائكةِ عليهمِ السَّلامُ ليستْ لبغضِكَ وعداوتِكَ لَهُم أو لمعبوديِهم، بلْ إنَّما هُو لجزمِكَ باستحالةِ ما نسبُوا إليهم وبنَوا عليه عبادتَهُم من كونِهم بناتِ الله تعالى...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لما جرى ذكر الذين ظلموا بادعاء بنوة الملائكة في قوله: {فويلٌ للذين ظلموا من عذاب يومٍ أليمٍ} [الزخرف: 65] عَقِب قوله: {ولما ضُرب ابن مريم مثلاً} [الزخرف: 57]، وعَقِب قوله قبله {وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثاً} [الزخرف: 19].

وأعقب بما ينتظرهم من أهوال القيامة وما أُعد للذين انخلعوا عن الإشراك بالإيمان، أمر الله رسوله أن ينتقل من مقام التحذير والتهديد إلى مقام الاحتجاج على انتفاء أن يكون لله ولَد، جمعاً بين الرد على بعض المشركين الذين عبدوا الملائكة، والذين زعموا أن بعض أصنامهم بنات الله مثل اللاتِ والعُزَّى، فأمره بقوله: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} أي قل لهم جدَلا وإفحاماً، ولقَّنه كلاماً يدل على أنه ما كان يعزب عنه أن الله ليس له ولد ولا يخطر بباله أن لله ابناً. والذين يقول لهم هذا المقول هم المشركون الزاعمون ذلك فهذا غرض الآية على الإجمال لأنها افتتحت بقوله: {قل إن كان للرحمن ولد} مع علم السامعين أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يروج عنده ذلك. ونظم الآية دقيق ومُعضِل، وتحته معان جمّة:

وأولُها وأوْلاها: أنه لو يَعلم أن لله أبناءَ لكان أول من يعبدهم، أي أحق منكم بأن أعبدهم، أي لأنه ليس أقل فهماً من أن يعلم شيئاً ابناً لله ولا يعترف لذلك بالإلهية لأن ابن الله يكون منسلاً من ذات إلهية فلا يكون إلا إلها وأنا أعلم أن الإله يستحق العبادة، فالدليل مركب من مُلاَزَمةٍ شرطية، والشرط فرضيٌّ، والملازمة بين الجواب والشرط مبنية على أن المتكلم عاقل داعٍ إلى الحق والنجاة فلا يرضى لنفسه ما يورطه، وأيضاً لا يرضى لهم إلا ما رضيه لنفسه، وهذا منتهى النصح لهم، وبه يتمّ الاستدلال ويفيد أنه ثابت القدم في توحيد الإله.

ونُفي التعدد بنفي أخص أحوال التعدد وهو التعدد بالأبوة والبنوة كتعدد العائلة، وهو أصل التعدد فينتفي أيضاً تعدد الآلهة الأجانب بدلالة الفحوى. ونظيره قول سعيد بن جبير للحجاج. وقد قال له الحجاج حين أراد أن يقتله: لأُبَدِّلَنَّك بالدنيا ناراً تَلظّى فقال سعيد: لو عرفتُ أن ذلك إليك ما عبدتُ إلها غيرك، فنبهه إلى خطئه بأن إدخال النار من خصائص الله تعالى.

والحاصل أن هذا الاستدلال مركب من قضية شرطية أول جُزْأيْها وهو المقدم باطل، وثانيهما وهو التالي باطل أيضاً، لأن بطلان التالي لازم لبطلان المقّدم، كقولك: إن كانت الخمسة زوجاً فهي منقسمة بمتساويين، والاستدلال هنا ببطلان التالي على بطلان المقدم لأن كون النبي صلى الله عليه وسلم عابداً لمزعوم بنوتُه لله أمرٌ منتفٍ بالمشاهدة فإنه لم يزل ناهياً إياهم عن ذلك. وهذا على وزان الاستدلال في قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا} [الأنبياء: 22]، إلا أن تلك جعل شرطها بأداة صريحة في الامتناع، وهذه جعل شرطها بأداة غير صريحة في الامتناع. والنكتة في العدول عن الأداة الصريحة في الامتناع هنا إيهامُهم في بادئ الأمر أن فرضَ الولد لله محل نظرٍ، وليتأتى أن يكون نظم الكلام موجهاً حتى إذا تأملوه وجدوه ينفي أن يكون لله ولد بطريق المذهب الكلامي. ويدل لهذا ما رواه في « الكشاف» أن النضر بن عبد الدار بن قصي قال: إن الملائكة بنات الله فنزل قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين}. فقال النضر: ألا ترون أنه قد صدَّقني، فقال له الوليد بن المغيرة: ما صدَّقك ولكن قال: ما كان للرحمان ولد فأنا أول الموحدين من أهل مكة. ورُوي مجمل هذا المعنى عن السدّي فكان في نظم الآية على هذا النظم إيجاز بديع، وإطماع للخصوم بما إن تأملوه استبان وجه الحق فإن أعرضوا بعد ذلك عُد إعراضهم نكوصاً.

وتحتمل الآية وجوهاً أخر من المعاني. منها: أن يكون المعنى إن كان للرحمان ولد في زعمكم فأنا أول العابدين لله، أي فأنا أول المؤمنين بتكذيبكم، قاله مجاهد، أي بقرينة تذييله بجملة {سبحان رب السموات والأرض} الآية.

ومنها، أن يكون حرف {إنْ} للنفي دون الشرط، والمعنى: ما كان للرحمان ولد فتفرع عليه: أنا أول العابدين لله، أي أتنزه عن إثبات الشريك له، وهذا عن ابن عباس وَقتادة وزيد بن أسلم وابنه. ومنها: تأويل {العابدين} أنه اسم فاعل من عبد يعبَد من باب فرح، أي أنف وغضب، قاله الكسائي، وطعن فيه نفطويه بأنه إنما يقال في اسم فاعل عبد يَعْبَدُ عَبِد وقلما يقولون: عَابد والقرآن لا يأتي بالقليل من اللّغة. وقرأ الجمهور {ولد} بفتح الواو وفتح اللام. وقرأه حمزة والكسائي {وُلْد} بضم الواو وسكون اللام جمع ولَد.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

لأن إيماني بالله أقوى من إيمانكم جميعاً، ومعرفتي به أكبر، وعليه فيجب أن أعظّم ولده وأطيعه قبلكم...

أنّ العبادة لا تعني العبادة في كل الموارد، فقد تأتي أحياناً بمعنى الطاعة والتعظيم والاحترام، وهي هنا بهذا المعنى، فعلى فرض أن لله ولداً وهو فرض محال فلا دليل على عبادته، لكنّه لما كان طبقاً لهذا الفرض ابن الله فيجب أن يكون مورد احترام وتقدير وطاعة...

لو كان لله ولد لبادرت قبلكم إلى احترامه وتعظيمه، ليطمئن هؤلاء من استحالة أن يكون لله ولد...