تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

الآية 81 وقوله تعالى : { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } يخرّج هذا على وجهين :

أحدهما : أي ما كان للرحمن ولد ؛ أي ليس للرحمن ولد . ثم يخرّج قوله : { فأنا أول العابدين } على هذا التأويل على وجهين :

أحدهما : ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين له بالتعالي والتنزيه عن الولد .

[ والثاني ]{[19043]} : وأنا أول من يعبد للرحمن بالإيمان والتصديق أنه ليس له ولد . على هذا أعبد الله تعالى .

والثاني : ما كان للرحمن ولد ، وأنا أول الآنفين ، وهو من عبد يعبد أي أنِف يأنف ، فيكون هذا تنزيه تصريح عن الولد ، والأول تنزيه له بالكناية .

هذا إذا كان معنى قوله : { قل إن كان للرحمن ولد } ما كان للرحمن ولد .

ثم قوله : { فأنا أول العابدين } يخرّج على [ هذا ]{[19044]} التأويل أيضا على وجهين :

أحدهما : أي لو كان للرحمن على زعمكم وعلى ما عندكم فأنا أول من يتبرّأ عن أن يكون له ولد ، وأدعوكم إلى الرحمن الذي لا ولد له ، وهو كقوله تعالى : { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] أي أين شركائي [ الذين ]{[19045]} تزعمون أنتم أنهم شركاء ؟ وقوله تعالى : { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا } [ طه : 97 ] أي انظر إلى إلهك الذي هو في زعمك إله .

والثاني : يحتمل أن يقول له : قل : لو كان يجوز ، أو يحتمل أن يكون له ولد ، فأنا أول من يعبده{[19046]} على ذلك ، أو أول من يقول بذلك . فإذ لم أقل بذلك ، وأنا رسول الله ، وظهر أنه لا يحتمل ، ولا يجوز أن يكون له ولد ، وهو كقوله تعالى : { لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء } [ الزمر : 4 ] أي لو كان يجوز أن يريد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى ممن عنده وممن شاء لا مما هو عندهم ومما تختارون أنتم . لكن لا يحتمل ، ولا يجوز أن يتخذ ولدا .

وقال بعضهم : في قوله : { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } يقول : كما أني لست أول من عبد الله فكذلك ليس للرحمن ولد كقول الرجل : لو كان ما يقول حقا فأنا حمار ؛ معناه ليس الذي تقوله بحق كما أني لست بحمار ، والله أعلم .


[19043]:في الأصل وم: أي.
[19044]:ساقطة من الأصل وم.
[19045]:ساقطة من الأصل وم.
[19046]:في الأصل وم: اعبده.