روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} (51)

وقوله تعالى : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين ءامَنُواْ } الخ كلام مستأنف مسوق من جهته تعالى لبيان أن ما أصاب الكفرة من العذاب المحكى من فروع حكم كلي تقتضيه الحكمة هو أن شأننا المستمر أننا ننصر رسلنا وأتباعهم { وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم } بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبي وغير ذلك من العقوبات ، ولا يقدح في ذلك ما قد يتفق للكفرة من صورة الغلبة امتحاناً إذ العبرة إنما هي بالعواقب وغالب الأمر ، وقد تقدم تمام الكلام في ذلك فتذكر { وَيَوْمَ يَقُومُ الاشهاد } أي ويوم القيامة عبر عنه بذلك للأشعار بكيفية النصرة وأنها تكون عند جمع الأولين والآخرين وشهادة الأشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب ، فالاشهاد جمع شهيد بمعنى شاهد كإشراف جميع شريف ، وقيل : جمع شاهد بناء على أن فاعلاً قد يجمع على أفعال ، وبعض من لم يجوز يقول : هو جمع شهد بالسكون اسم جمع لشاهد كما قالوا في صحب بالسكون اسم جمع لصاحب ، وفسر بعضهم { الاشهاد } بالجوارح وليس بذاك ، وهو عليهما من الشهادة ، وقيل : هو من المشاهدة بمعنى الحضور .

وفي «الحواشي الخفاجية » أن النصرة في الآخرة لا تتخلف أصلاً بخلافها في الدنيا فإن الحرب فيها سجال وإن كانت العاقبة للمتقين ولذا دخلت { فِى } على { الحياة } دون قرينه لأن الظرف المجرور بفي لا يستوعب كالمنصوب على الظرفية كما ذكره الأصوليون انتهى ، وفيه بحث .

وقرأ ابن هرمز . وإسماعيل وهي رواية عن أبي عمرو { تَقُومُ } بتاء التأنيث على معنى جماعة الأشهاد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} (51)

قوله عز وجل{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا } قال ابن عباس : بالغلبة والقهر . وقال الضحاك : بالحجة ، وفي الآخرة بالعذاب . وقيل : بالانتقام من الأعداء في الدنيا والآخرة ، وكل ذلك قد كان للأنباء والمؤمنين ، فهم منصورون بالحجة على من خالفهم ، وقد نصرهم الله بالقهر على من ناوأهم وإهلاك أعدائهم ، ونصرهم بعد أن قتلوا بالانتقام من أعدائهم ، كما نصر يحيى بن زكريا لما قتل ، قتل به سبعون ألفاً ، فهم منصورون بأحد هذه الوجوه ، { ويوم يقوم الأشهاد } أي : يوم القيامة يقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار التكذيب .