فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} (51)

{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا } مستأنفة من جهة الله سبحانه ، أي نجعلهم الغالبين لأعدائهم ، القاهرين لهم ، والموصول في محل نصب عطفا على رسلنا أي لننصر رسلنا وننصر الذين آمنوا معهم { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } بما عودهم الله من الانتقام لهم بالقتل والسلب والأسر ، وقيل بالغلبة والقهر ، وقيل بالحجة ، وقيل بالانتقام لهم من الأعداء بالاستئصال ، وإن غلبوا في الدنيا في بعض الأحايين امتحانا من الله عز وجل ، والعاقبة لهم ، كما نصر يحيى ابن زكريا لما قتل ، فإنه قتل به سبعين ألفا ، وكما نصر الحسين بن علي الشهيد فإنه قتل به سبعين ألفا أيضا .

أخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ردّ . . عن عرض أخيه رد الله عن وجهه نار جهنم يوم القيامة ) ، ثم تلا { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا } وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة مثله .

{ وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } هو يوم القيامة قال زيد بن أسلم الأشهاد هم الملائكة والنبيون والمؤمنون . وقال مجاهد والسدي الأشهاد الملائكة ، يشهدون للأنبياء بالإبلاغ ، وعلى الأمم بالتكذيب . وقيل الحفظة يشهدون على بني آدم بما عملوا من الأعمال ، وكذا الجوارح تشهد عليهم بما فعلوا ، قال الزجاج الأشهاد جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب ، قال النحاس ليس لباب فاعل أن يجمع على أفعال ، ولا يقاس عليه ولكن ما جاء منه مسموعا أدى على ما سمع فهو على هذا جمع شهيد ، مثل شريف وأشراف ، ومعنى نصرهم يوم القيامة أن الله يجازيهم بأعمالهم فيدخلهم الجنة ، ويكرمهم بكراماته ، ويجازي الكفار بأعمالهم ، فيلعنهم ويدخلهم النار وهو معنى قوله : { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ( 52 ) } .