{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } كررنا وأوردنا على وجوه كثيرة من النظم { في هذا * القرءان } الجليل الشأن { لِلنَّاسِ } لمصلحتهم ومنفعتهم { مِن كُلّ مَثَلٍ } أي كل مثل على أن من سيف خطيب على رأي الأخفش والمجرور مفعول { صَرَفْنَا } أو مثلاً من كل مثل على أن من أصلية والمفعول موصوف الجار والمجرور المحذوف ، وقيل المفعول مضمون { مِن كُلّ مَثَلٍ } أي بعض كل جنس مثل ، وأياً ما كان فالمراد من المثل إما معناه المشهور أو الصفة الغريبة التي هي في الحسن واستجلاب النفس كالمثل ، والمراد أنه تعالى نوع ضرب الأمثال وذكر الصفات الغريبة وذكر من كل جنس محتاج إليه داع إلى الإيمان نافع لهم مثلاً لا أنه سبحانه ذكر جميع أفراد الأمثال ، وكأن في الآية حذفاً أو هي على معنى ولقد فعلنا ذلك ليقبلوا فلم يفعلوا .
{ وَكَانَ الإنسان } بحسب جبلته { أَكْثَرَ شيء جَدَلاً } أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل ، وهو كما قال الراغب وغيره المنازعة بمفاوضة القول ، والأليق بالمقام أن يراد به هنا الخصومة بالباطل والمماراة وهو الأكثر في الاستعمال . وذكر غير واحد أنه مأخوذ من الجدل وهو الفتل والمجادلة الملاواة لأن كلاً من المتجادلين يلتوي على صاحبه ، وانتصابه على التمييز ، والمعنى أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل مجادل وعلل بسعة مضطربة فإنه بين أوج الملكية وحضيض البهيمية فليس له في جانبي التصاعد والتسفل مقام معلوم .
والظاهر أنه ليس المراد إنساناً معيناً ، وقيل المراد به النضر بن الحرث ، وقيل ابن الزبعري ، وقال ابن السائب : أبي بن خلف وكان جداله في البعث حين أتى بعظم قد رم فقال : أيقدر الله تعالى على إعادة هذا وفته بيده ؟ والأول أولى ، ويؤيده ما أخرجه الشيخان . وابن المنذر . وابن أبي حاتم عن علي كرم الله تعالى وجهه«أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلاً فقال : ألا تصليان فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله تعالى إن شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلى شيئاً ثم سمعته يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً فإنه ظاهر في حمل الإنسان على العموم ، ولا شبهة في صحة الحديث إلا أن فيه إشكالاً يعرف بالتأمل ، ولا يدفعه ما ذكره النووي حيث قال : المختار في معناه أنه صلى الله عليه وسلم تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا ولهذا ضرب فخذه ، وقيل قال صلى الله عليه وسلم ذلك تسليماً لعذرهما وأنه لا عتب اه فتأمل .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ وَكَانَ الإنسان أَكْثَرَ شيء جَدَلاً } [ الكهف : 54 ] لأنه مظهراً الأسماء المختلفة والعالم الأصغر الذي انطوى فيه العالم الأكبر ، هذا والله تعالى أعلم بأسرار كتابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.