تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا} (54)

{ ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ( 54 ) وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا ( 55 ) وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا ( 56 ) ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذن أبدا ( 57 ) وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ( 58 ) وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا ( 59 ) }

المفردات :

صرفنا : رددنا وكررنا .

المثل : الصفة الغريبة .

الجدل : المنازعة بالقول ، ويراد به هنا : المماراة والخصومة بالباطل .

54

التفسير :

54- { ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل . . . } هذه الآية شهادة من الله ، بأنه أنزل كتابه على نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأن هذا الكتاب قد بين الله فيه الأمور ووضحها ، وكرر وردد آداب القرآن وأمثاله ؛ رغبة في إرشاد الناس وهدايتهم ؛ كيلا يضلوا عن الحق .

{ وكان الإنسان أكثر شيء جدلا } .

ومع هذا البيان فإن الإنسان كثر المجادلة والمخاصمة ، والمعارضة للحق بالباطل إلا من هدى الله ، وبصّره بطريق النجاة .

روى البخاري ، ومسلم ، والإمام أحمد عن علي بن أبي طالب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه هو وفاطمة بنت رسول الله ليلة ؛ فقال : ( ألا تصليان ؟ ) فقلت : يا رسول الله ، إنما أنفسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا ؛ فانصرف حين قلت ذلك ، ولم يرجع إليّ شيئا ، ثم سمعته وهو منصرف يضرب فخذه ويقول : { وكان الإنسان أكثر شيء جدلا }43 .