{ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون } عما هم عليه من النفاق وأحكامه الموجبة للإيذاء { والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } وهم قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات عليه عما هم عليه من التزلزل وما يستتبعه مما لا خير فيه { والمرجفون فِى المدينة } من اليهود المجاورين لها عما هم عليه من نشر أخبار السوء عن سرايا المسلمين وغير ذلك من الأراجيف الملفقة المستتبعة للأذية ، وأصل الأرجاف التحريك من الرجفة التي هي الزلزلة وصفت به الأخبار الكاذبة لكونها في نفسها متزلزلة غير ثابتة أو لتزلزل قلوب المؤمنين واضطرابها منها ، والغاير بين المتعاطفات على ما ذكرنا بالذات وهو الذي يقتضيه ظاهر العطف .
وأخرج ابن المنذر . وغيره عن مالك بن دينار قال : سالت عكرمة عن الذين في قلوبهم مرض فقال : هم أصحاب الفواحش ، وعن عطاء أنه فسرهم بذلك أيضاً ، وفي رواية أخرى عنه أنه قال : هو قوم مؤمنون كان في أنفسهم أن يزنوا فالمرض حب الزنا ، وإذا فسر المرجفون على ذلك بما سمعت يكون التغاير بين المتعاطفات بالذات أيضاً .
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب أن الذين في قلوبهم مرض هم المنافقون وهو المعروف في وصفهم .
وأخرج هو أيضاً عن عبيد بن حنين أن الذين في قلوبهم مرض والمرجفون جميعاً هم المنافقون فيكون العطف مع الاتحاد بالذات لتغاير الصفات على حد
هو الملك القرم وابن الهمام *** فكأنه قيل : لئن لم ينته الجامعون بين هذه الصفات القبيحة عن الاتصاف بها المفضي إلى الإيذاء { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } أي لندعونك إلى قتالهم وإجلائهم أو فعل ما يضطرهم إلى الجلاء ونحرضك على ذلك يقال : أغراه بكذا إذا دعاه إلى تناوله بالتحريض عليه ، وقال الراغب : غرى بكذا أي لهج به ولصق ، وأصل ذلك من الغراء وهو ما يلصق به وقد أغريت فلاناً بكذا ألهجت به ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أي لنسلطنك عليهم { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ } عطف على جواب القسم وثم للتفاوت الرتبي والدلالة على أن الجلاء ومفارقة جوار الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم ما يصيبهم وأشده عندهم { فِيهَا } أي في المدينة { إِلاَّ قَلِيلاً } أي زماناً أو جواراً قليلاً ريثما يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه أو يتلقطون عيالاتهم وأنفسهم .
وفي الآية عليه كما في «الانتصاف » إشارة إلى أن من توجه عليه إخلاء منزل مملوك للغير بوجه شرعي يمهل ريثما ينتقل بنفسه ومتاعه وعياله برهة من الزمان حتى يتيسر له منزل آخر على حسب الاجتهاد ، ونصب { قَلِيلاً } على ما أشرنا إليه على الظرفية أو المصدري ، وجوز أن يكون نصباً على الحال أي إلا قليلين أطلاء ، ولا يخفى حاله على ذي تمييز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.