الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا} (60)

وقوله تعالى : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون } [ الأحزاب : 60 ] .

اللام في قوله : { لَّئِن } هي المؤذنة بمجيء القسم ، واللام في { لَنُغْرِيَنَّكَ } : هي لامُ القسمِ .

( ت ) : ورَوَى الترمذيُّ عن ابن عُمَرَ قال : ( صَعِدَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم المِنْبَرَ ، فنادى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ ، فَقَالَ : ( يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بلِسَانِهِ ، وَلَمْ يَفُضْ الإيْمَانُ إلى قَلْبِهِ ، لاَ تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ يَتَبِعَ اللّهُ عَوْرَتَه وَمَنْ يَتَّبِعِ اللّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْه وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) الحديث انتهى .

ورواه أبو دَاودَ في «سننه » من طريق أبي برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم وتوعَّد اللّه سبحانه هذه الأصنافَ في هذه الآية .

وقوله سبحانه { والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } المرض ، هنا : هو الغَزَل وحب الزنا قاله عكرمة . { والمرجفون فِي المدينة } : هم قوم كانوا يتحدثون بغزو العربِ المدينةَ ونحوِ هذا مما يُرْجِفُونَ بهِ نُفُوسَ المؤمنينَ فيحتمل أنْ تكونَ هذه الفِرَقُ دَاخِلَةً في جملة المنافقين ، ويحتمل أن تكونَ متباينةً و { نغرينك } معناه : نحضك عليهم بعد تعيينهم لك ، في البخاري : وقال ابن عباس : { لَنُغْرِيَنَّكَ } : لنسلطنك انتهى .

وقوله تعالى : { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ } أي : بعد الإغراء لأنك تَنْفِيهم بالإخافَة والقَتْلِ .

وقوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } يحتمل : أن يريد إلا جِوَاراً قليلاً ، أو وقتاً قليلاً ، أو عدداً قليلاً ، كأنه قال : إلا أقلاءَ .