تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا} (60)

الآية 60 وقوله تعالى : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض } جائز أن يكون قوله : { لئن لم ينته المنافقون } عما سبق ذكره من التعرض للنساء بالزنا والفجور بهن ، وأنهم هم الفاعلون لذلك بهن .

وأما المسلمون ، فلا يحتمل أن يتعرضوا لشيء من ذلك الفعل( {[16832]} ) ، فقال : { لئن لم ينته المنافقون } ومن ذكر عن ذلك يفعل بهم ما ذكر .

وقال بعضهم : إن أهل النفاق كانوا يرجفون أخبار العدو ، ويذيعونها ، ويقولون : قد أتاكم عدد وعدة من العدو كقوله : { الذي قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا للكم فاخشوهم } [ آل عمران : 173 ] كانوا يحببونهم ، ويضعفونهم ، لئلا يغزوا أولئك الكفرة ؛ يسرون النفاق والخلاف لهم ، ويظهرن الوفاق ، يسرون في ما بينهم ، ويتناجون الإثم والعدوان ومعصية الرسول ، فنهوا عن ذلك حين( {[16833]} ) قال : { فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول } [ المجادلة : 9 ] فنهوا عن ذلك .

فقال ههنا : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض } عن صنيعهم { لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا } . قال بعضهم : { لنغرينك بهم } أي لنسلطنك عليهم . [ وقال بعضهم : لنحملنك عليهم ]( {[16834]} ) ، وقال بعضهم : لنولعنك بهم . وكان الإغراء هو التخلية بينه وبينهم حتى يقابلهم بالسيف ، ويقتلهم ، وكان قبل ذلك يقابلهم باللسان ، ولم يأمره بالمقاتلة بالسيف إلى هذا الوقت .


[16832]:في الأصل وم: الوقت.
[16833]:في الأصل وم: حيث.
[16834]:من م، ساقطة من الأصل.