بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا} (60)

ثم أوعد المنافقين وخوّفهم لينزجروا عن الحرائر أو الإماء فقال عز وجل : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون } عن نفاقهم { والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني : الميل إلى الزنى إن لم يتوبوا عن ذلك { والمرجفون فِي المدينة } يعني : الذين يخبرون بالأراجيف . وكانوا يخبرون المؤمنين بما يكرهون من أمر عدوهم . والأراجيف : هي أول الاختيار . وأصل الرجف هو الحركة . فإذا وقع خبر الكذب فإنه يقع الحركة بالناس فسمي إرجافاً . ويقال : الأراجيف تلقح الفتنة . يعني : إن لم ينتهوا عن النفاق وعن الفجور وعن القول بالأراجيف .

{ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } يعني : لنسلطنك عليهم ، ويقال : لنحملنك على قتلهم .

وروى سفيان عن منصور بن زرين قال : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ والمرجفون فِي المدينة } فإن هذا كله شيء واحد . يعني : أنه نعتهم بأعمالهم الخبيثة . { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً } يعني : لا يساكنونك في المدينة إلا قليلاً حتى أهلكهم . ويقال : إلا جواراً قليلاً ، ويقال : إلا قليلاً منهم . وقال قتادة : إن أناساً من المنافقين أرادوا أن يُظْهِرُوا نفاقهم فنزلت هذه الآية .