ثم قال تعالى : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض } أي : لئن لم ينته الذين يسرون الكفر .
{ والذين في قلوبهم مرض } أي : شهوة من الزنى من المنافقين .
{ والمرجفون في المدينة } أي : أهل الإرجاف{[55708]} في المدينة بالكذب والباطل يشيعون ما يخوفون به المؤمنين ، وهم من المنافقين ، أيضا هم أجناس قد جمعوا هذه الأسماء كلها .
قال قتادة : أراد المنافقون أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق فتوعدهم الله بهذه الآية فكتموا نفاقهم وستروه{[55709]} .
ثم قال تعالى : { لنغرينك بهم } أي لنسلطنك عليهم ، وقد أغراه بهم بقوله جل ذكره : { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره }{[55710]} وأمره بلعنهم .
وقال المبرد : قد أغراه بهم في قوله : { أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا } قال : وهذا فيه معنى الأمر بقتلهم وأخذهم ، أي : هذا حكمهم إذ قاموا على النفاق والإرجاف في المدينة{[55711]} . وهو مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خمس يقتلن في الحرم " {[55712]} ففيه معنى الأمر ولفظه خبر .
وقيل : إنهم انتهوا عن الإرجاف{[55713]}/ .
قال ابن عباس : " لنغرينك " لنسلطنك{[55714]} .
وقال قتادة : لنحرشنك{[55715]} .
وقد استشهد من قال بجواز ترك إنفاذ الوعيد بهذه الآية ، وقال : تواعدهم الله بأن يغري نبيه عليهم ولم يفعل .
وقال من يخالفه : قد أغراه بهم ، وأنفذ وعيده فيهم . وبقاء المنافقين مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة إلى أن توفي يدل على أن الله لم ينفذ الوعيد فيهم لأن من تمام وعيده فيهم : قوله : { ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا } وهو مذهب أهل السنة . إذ المعروف من عادات الكرماء وأهل الفضل والشرف إتمام وعدهم وتأخير إنفاذ وعيدهم بالعفو والمعروف بالإحسان ، ولا أحد أكرم من الله ولا أبين فضلا وشرفا منه فهو أولى بالعفو والإحسان وترك إنفاذ وعيده في المؤمنين .
ثم قال : { ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا } أي : إن لم ينتهوا عن الإرجاف سلطتك عليهم ولا يقيموا معك في المدينة إلا وقتا قليلا . وهذا وقف إن جعلت { ملعونين } نصبا على الذم{[55716]} . فإن جعلته حالا وقفت على { ملعونين } وهو قول الأخفش وغيره وهو حال من المضمر في { يجاورونك } .
وأجاز بعض النحويين أن يكون حالا من المضمر في { أخذوا } وذلك لا يجوز لأن ما بعد حرف الشرط لا يعمل فيما قبله . ولا يحسن الوقف على " تقتيلا " لأن " سنة " انتصبت على فعل دل عليه ما قبله ، فما قبله يقوم له مقام العامل{[55717]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.