التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (120)

قوله تعالى : { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين } كلا ، مفعول للفعل { نقص } و { أنباء الرسل } ، أي سيرتهم وأخبارهم واصطبارهم على أذى أقوامهم . والمعنى : أن كل ما نقصه عليك من أخبار الرسل السابقين مع أممهم الذين شاقوهم شر مشاقة ووقفوا في طريق دعوتهم إلى الله ، وأذاقوهم ألوان الأذى والعذاب { ما نثبت به فؤادك } أي هذا القصص من الله عن أخبار المرسلين المتقدمين هو تثبين لقلبك وتقوية لك على التحمل والتمكن من تبليغ رسالة الله ، فلا تبتئس أو تجزع من تكذيب المشركين وإيذائهم لك .

قوله : { وجاءك في هذه الحق وموعظة } { هذه } ، يعني السورة . وهو قول كثير من المفسرين وأهل العلم . وقد خص السورة لما فيها من أخبار المرسلين وما لاقوه من أذى المشركين الخاسرين فما آمن لهم إلا القليل . لكن أكثر من في الأرض لجوا في طغيانهم وأبوا إلا العتو والجحود والاستكبار فنجى الله الفئة القليلة المؤمنة ، واهلك الكثرة الكاثرة من الناس وهم الضالون الظالمون ، إذ أخذهم أخا عزيز مقتدر . فلا جرم أن تجيء هذه السورة حافلة بأخبار الحق والموعظة والذكرى التي يزدجر منها أولو الألباب والنهي ، أو يعتبرون مما حاق بالسالفين الأولين من سوء المصير .