فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (120)

والتنوين في { وَكُلاًّ } للتعويض عن المضاف إليه ، وهو منصوب بنقصّ ، والمعنى : وكل نبأ من أنباء الرسل مما يحتاج إليه نقصّ عليك : أي ، نخبرك به . وقال الأخفش : { كَلاَّ } حال مقدّمة كقولك : كلاً ضربت القوم ، والأنباء الأخبار { مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } أي : ما نجعل به فؤادك مثبتاً بزيادة يقينه بما قصصناه عليك ، ووفور طمأنينته ، لأن تكاثر الأدلة أثبت للقلب وأرسخ في النفس وأقوى للعلم ، وجملة : { مَا نُثَبّتُ } بدل من أنباء الرسل ، وهو بيان لكلا ، ويجوز أن يكون { مَا نُثَبّتُ } مفعولاً لنقصّ ، ويكون كلاً مفعولاً مطلقاً ، والتقدير : كل أسلوب من أساليب الاقتصاص نقصّ عليك ما نثبت به فؤادك { وَجَاءكَ فِي هذه الحق } أي : جاك في هذه السورة ، أو في هذه الأنباء البراهين القاطعة الدالة على صحة المبدأ والمعاد { وَمَوْعِظَةً } يتعظ بها الواقف عليها من المؤمنين { وذكرى } يتذكر بها من تفكر فيها منهم ، وخصّ المؤمنين لكونهم المتأهلين للاتعاظ والتذكر .

وقيل : المعنى : وجاءك في هذه الدنيا الحق ، وهو النبوّة ، وعلى التفسير الأوّل ، يكون تخصص هذه السورة بمجيء الحق فيها مع كونه قد جاء في غيرها من السور ، لقصد بيان اشتمالها على ذلك ، لا بيان كونه موجوداً فيها دون غيرها .

/خ123