الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (120)

ثم قال تعالى : { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل }[ 120 : أي : من أخبارهم ، وأخبار أممهم يا محمد . نفعل ذلك لنثبت به فؤادك ، لأن كلما كثرت البراهين كان القلب أثبت{[33491]} . والفؤاد يراد به القلب ، وهذا كما قال إبراهيم صلوات الله عليه{[33492]} ، { ولكن ليطمئن قلبي }{[33493]} وقيل : المعنى : ما نثبتك{[33494]} به على أداء الرسالة{[33495]} ، والصبر على ما ينالك منهم . فتعلم ما نالت الرسل ، وما حل بها قبلك{[33496]} ، فتتأسى بذلك .

و( كلا ) منصوب ب( نقص ) ، و( ما ) بدل{[33497]} من ( كل ){[33498]} .

وقال الأخفش : كلا ( نصب ) على/ الحال{[33499]} . وقال غيره : هي منصوبة على المصدر : أي : كل القصص نقص عليك{[33500]} .

ثم قال تعالى : { وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى } : أي : في هذه السورة . قاله ابن عباس ، والحسن{[33501]} ، ومجاهد ، وقتادة{[33502]} .

وقيل : في هذه الدنيا ، رُوِي{[33503]} ذلك عن قتادة{[33504]} .

والمعنى : وجاءك في هذه السورة الحق ، مع ما جاءك في غيرها من السور . وليس المعنى : وجاءك في هذه السورة الحق ، دون غيرها{[33505]} ، بل في الكل جاء الحق{[33506]} . وذكر في هذه السورة بهذا{[33507]} تأكيدا{[33508]} لما فيها من القصص والمواعظ ، وذكر الجنة والنار ومقام الفريقين{[33509]} .

والقسم بأن يوفي{[33510]} لكل عمله ، وغير ذلك من الإخبار ، والمواعظ ، والتحريض على إقامة الصلوات وغير ذلك . وليس إذا كان في هذه{[33511]} الحق فيما لا يكون في غيرها ، بل غيرها فيه الحق . وقد اختار قوم قول قتادة : إن المعنى : في هذه الدنيا ، وموعظة : لمن جهل ( وذكرى ) لمن عقل من المؤمنين{[33512]} .


[33491]:انظر هذا التفسير في: الجامع 9/77.
[33492]:ق: صلى الله عليه وسلم.
[33493]:البقرة: 259 وانظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/84.
[33494]:ساقط من ق.
[33495]:انظر هذا المعنى في: إعراب النحاس 2/308.
[33496]:ق: قلبك.
[33497]:ط: يدل.
[33498]:انظر: معاني الزجاج 3/84.
[33499]:انظر قوله في: إعراب النحاس 2/308.
[33500]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/540.
[33501]:ق: ابن الحسن.
[33502]:انظر هذه الأقوال في: تفسير مجاهد 392، وجامع البيان 15/540-542. ولم تنسب في معاني الفراء 2/31 وغريب القرآن 211، والزجاج 3/84.
[33503]:ط: وروي.
[33504]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/543.
[33505]:ط: غيره.
[33506]:وهو قول الطبري في: جامع البيان 15/543.
[33507]:ق: بخيرا.
[33508]:ط: توكيدا. ق: تكيدا.
[33509]:وهو قول الزجاج في: معانيه 3/84.
[33510]:ق: يكون الكل.
[33511]:ط: هذا الحق فيها لا يكون.
[33512]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/544.