تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (120)

{ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ 120 وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ 121 وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ 122 وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 123 } .

المفردات :

نقص : نخبرك به ، والقص : تتبع أثر الشيء للإحاطة والعلم ، ومنه قوله تعالى : { وقالت لأخته قصيه } . ( القصص : 11 ) ، ثم أطلق على الإخبار ؛ لما فيه من تتبع الأحداث رواية .

أنباء : إخبار جمع : نبإ .

نثبت به فؤادك : نقوي ونطمئن .

في هذه : السورة ، أو في الأنباء المقصوصة عليك .

التفسير :

120 { وَكُلاًّ85 نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ . . . } الآية .

حلفت سورة هود بذكر عدد وافر من أعلام الرسل السابقين ، وفي ختام السورة يذكر الحق سبحانه فؤاد ذكر قصص المرسلين ، فيجمله في أمرين :

الأول : تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ، حين يشاهد أن هؤلاء الرسل الكرام في تاريخ البشرية ، تعرضوا للأذى ، وجاهدوا قومهم طويلا ، وصبروا وصابروا ؛ فيتأسى بهم ، ويتسلى بتاريخهم وجهادهم ، ويشاهد أنه لم يكن بدعا من الرسل ، وأن طبيعة الكافرين واحدة ، كأنهم تواصوا بتكذيب المرسلين ، ومقاومة المصلحين ، وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } . ( الأحقاف : 35 ) .

الهدف الثاني : { وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } .

الهدف الثاني : تسجيل كفاح الرسل ، ودعوتهم إلى : التوحيد ، والعدل ، والحق ، والخير ، وإحياء ذكراهم ، وإرشاد الناس إلى مواعظهم ، وهلاك المكذبين لهم ، ونجاة المؤمنين بهم ، فيتذكر المؤمنون بما ينفعهم والذكرى من شأنها أن تفيد جميع الناس ؛ لكن لما لم يستفد بهذه الذكرى سوى المؤمنين ؛ أضافها إليهم ؛ فالمؤمنون هم الذين يتعظون بما حل بالأمم السابقة من هلاك ودمار ؛ فيبتعدون عن أسبابه وموجباته . وقريب من هذا المعنى قوله تعالى :

{ وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون } . ( يوسف : 105 ) .