الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكُلّٗا نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (120)

قوله تعالى : { وَكُلاًّ نَّقُصُّ } : في نصبه أوجه ، أحدها : أنه مفعولٌ به والمضاف إليه محذوفٌ ، عُوِّض منه التنوين ، تقديره : وكل نبأ نَقُصُّ عليك . و " مِنْ أنباء " بيانٌ له أو صفة إذا قُدِّر المضاف إليه نكرة . وقوله : " ما نُثَبِّتُ " يجوز أن يكونَ بدلاً من " كلاً " ، وأن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمر ، أي : هو ما نثبِّت ، أو منصوبٌ بإضمار أعني .

الثاني : أنه منصوبٌ على المصدرِ ، أي : كلَّ اقتصاصٍ نَقُصُّ ، و " مِنْ أنباء " صفةٌ أو بيان ، و " ما نُثَبِّت " هو مفعول " نَقُصُّ " .

الثالث : كما تقدَّم ، إلا أنه بجَعْل " ما " صلةً ، والتقدير : " وكلاً نَقُصُّ من أنباء الرسل نُثَبِّت به فؤادك ، كذا أعربه الشيخ وقال : كهي في قوله :

{ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [ الأعراف : 3 ] .

الرابع : أن يكون " كلاً " نصباً على الحال من " ما نُثَبِّت " وهي في معنى جميعاً . وقيل : بل هي حال من الضمير في " به " . وقيل : بل هي حال من " أنباء " ، وهذان الوجهان إنما يجوزان عند الأخفش ، فإنه يُجيز تقديم حالِ المجرورِ بالحرف عليه ، كقوله تعالى : { وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٍ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] في قراءةِ مَنْ نصب " مَطْويات " وقول الآخر :

2732 رَهْطُ ابنِ كُوْزٍ مُحْقبي أَدْراعهم *** فيهم ورَهْطُ ربيعةَ بنِ حُذار

وإعراب باقي السورة واضح ممَّا تقدم .