التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ} (3)

قوله تعالى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } قص الخبر ، أي اعلمه وبينه . { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } . أي نبين لك أحسن البيان{[2196]} وقوله : { أحسن } منصوب على أنه مفعول به . وقيل : منصوب على أنه مصدر{[2197]} .

وهذا البيان جاء به الوحي من عند الله لهو أحسن القصص ؛ لأنه من نظم الإله الخالق البديع ؛ فهو متقن على أتم ما يكون عليه الإتقان ، وأحسن ما يكون عليه الأسلوب ، وأكمل ما تكون عليه المعاني والعلوم والأخبار ، وأروع ما تأتي عليه الصورة والعبارة والكلمات ، وهي تحمل للبشرية أجزل المعاني وأنفعها . وذلك في مختلف المواقف والمشاهد والأحوال والملابسات ، وفي سائر الأخبار والأحكام والمواعظ . وذلك كله في غاية مثلى من رصانة التعبير ، وجرس الحروف ، وكمال النظم الباهر المميز .

قوله : { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ } الباء سببية وما مصدرية ؛ أي بسبب إيحائنا{[2198]} . والمنى : أن الله يقص على عباده تحسن القصص بسبب إيحائه هذا القرآن . وهو الكتاب الحكيم الموحي به من عند الله ؛ فهو بذلك خير كلام ، وأحسنه وأكمل ما عرفت الدنيا من نظم وبيان .

قوله : { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } أن ، المخففة . والمضير في { قبله } يعود على الإيحاء ؛ أي لم يكن لك علم بهذه القصة ولا طرق سمعك شيء منها .


[2196]:القاموس المحيط ص 809.
[2197]:الدر المصون جـ 6 ص 430.
[2198]:الدر المصون جـ 6 ص 430.