الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيۡنَ مَا ثُقِفُوٓاْ إِلَّا بِحَبۡلٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡلٖ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُو بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ} (112)

قوله ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ ) الآية [ 112 ] معناها : ألزم الله المكذبين بمحمد الذلة وهي الصغار حيثما وجدوا ، فهم تحت أقدام المسلمين لا منعة لهم فهم( {[10619]} ) في ذلة وخوف ( إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ ) [ أي بسبب من الله ] ( {[10620]} ) . أو بسبب من المؤمنين ، فإنهم يأمنون( {[10621]} ) على أنفسهم ، وذرياتهم ، والذلة لا تفارقهم ، والسبب هو العهد إذ عوهدوا .

وتقدير الآية عند الكوفيين إلا أن يعتصموا بحبل من الله وحبل من المؤمنين ، ولذلك دخلت الباء( {[10622]} ) وهي متعلقة بهذا الفعل المحذوف . وقال بعض الكوفيين –أيضاً- : هو استثناء من الأول محمول على المعنى لأن المعنى ضربت عليهم الذلة بكل مكان إلا بموضع من الله .

وقال بعض البصريين : هو استثناء ليس من الأول( {[10623]} ) .

وقوله : ( أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ) تمام( {[10624]} ) ، ثم قال : ( إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ ) أي : لكنهم( {[10625]} ) ( يعتصمون )( {[10626]} ) بحبل من الله .

قوله : ( وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ) ، أي : تحملوا وانصرفوا ورجعوا به ، وحقيقته : لزمهم ذلك ، يقال : تبوأت الدار أي : لزمتها( {[10627]} ) .

( تم السفر الأول من كتاب الهداية إلى بلوغ النهاية والحمد لله الذي بعونه . . )( {[10628]} ) .

قوله : [ عز وجل ]( {[10629]} ) ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ) أي : تبوءهم الذي باءوا به من غضب الله ، وضرب الذلة بدل مما كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ، فكأنهم ألزموا الذلة ، والغضب لفعلهم هذا ، ثم قال : ( ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ )( {[10630]} ) أي : فعل بهم ذلك بعصيانهم واعتدائهم كذلك في موضع نصب وهو ذلك الثاني .


[10619]:- (ج): فيهم.
[10620]:- ساقط من (د).
[10621]:- (أ): يومنون.
[10622]:- (أ): الياء.
[10623]:- موضوع الخلاف هو الاستثناء في قوله: (إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ) لأنه يحتمل أوجهاً: (أ) أنه استثناء متصل عام للأحوال، والمعنى: ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حالة اعتصامهم بحبل من الله، وهو غير مسلم. (ب) أنه استثناء منقطع لأن الذلة لا تفارقهم، ودخلت الباء لأن الكلام قبلها مقتض في المعنى الباء، والتقدير ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا بكل مكان إلا بحبل من الله. (ج) أن إلا بمعنى لكن وتقديره لكن يعتصمون بحبل من الله وحبل من الناس، وحمل لفظ إلا على معنى لكن خلاف الظاهر، انظر: الكتاب 2/225 و319، ومعاني الفراء 1/230، ومعاني الأخفش 1/417، وجامع البيان 4/49، وإعراب النحاس 1/358.
[10624]:- انظر: إعراب النحاس 1/358.
[10625]:- (أ) (ج): لكنكم.
[10626]:- ساقط من (ج).
[10627]:- انظر: المفردات 63.
[10628]:- ساقط من (ب) (ج)، و(د): بزيادة: وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليماً والحمد لله رب العالمين وكتب علي بن عبد الله، بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً.
[10629]:- ساقط من (د).
[10630]:- ساقط من (ب) (د).