بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيۡنَ مَا ثُقِفُوٓاْ إِلَّا بِحَبۡلٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡلٖ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُو بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ} (112)

ثم قال { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة } يقول جُعِلَتْ عليهم الجزية ويقال أَلْزِم عليهم القتال { أَيْنَمَا ثُقِفُواْ } أي وُجدوا { إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ الله } أي بعهد من الله { وَحَبْلٍ مّنَ الناس } يعني تحت قوم يؤدون إليهم الجزية ، فإن لم يكن لهم عهد قتلوا { وَبَاءوا بِغَضَبٍ مّنَ الله } يقول : استوجبوا الغضب من الله تعالى . ويقال : رجعوا بغضب من الله { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المسكنة } يعني جعل عليهم زي الفقر .

قال الكلبي : فترى الرجل منهم غنياً ، وعليه من البؤس والفقر والمسكنة . ويقال : إنهم يظهرون من أنفسهم الفقر ، لكيلا تضاعف عليهم الجزية { ذلك } الذي يصيبهم { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بآيات الله } ومحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن { وَيَقْتُلُونَ الأنبياء بِغَيْرِ حَقّ } يعني رضوا بما فعل آباؤهم ، فكأنهم قتلوهم { ذلك } الغضب { بِمَا عَصَواْ } الله { وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } بأفعالهم كلما ذكر الله عقوبة قوم في كتابه بيّن المعنى الذي يعاقبهم لذلك ، لكيلا يظن أحد أنه عذَّبهم بغير جُرْم .