السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيۡنَ مَا ثُقِفُوٓاْ إِلَّا بِحَبۡلٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡلٖ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُو بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ} (112)

{ ضربت عليهم الذلة } أي : هدر النفس والمال والأهل أو ذل التمسك بالباطل والجزية { أينما ثقفوا } أي : حيثما وجدوا فلا عز لهم ولا اعتصام في سائر أحوالهم { إلا } في حال اعتصامهم { بحبل من الله } أي : بذمّة الله أو كتابه { وحبل من الناس } أي : بذمّة المسلمين أو بدين الإسلام واتباع سبيل المؤمنين أي : لا عز لهم قط إلا هذه الواحدة وهي التجاؤهم إلى الذمّة لما قبلوا من الجزية أو دين الإسلام { وباؤوا } أي : رجعوا { بغضب من الله } أي : مستوجبين له { وضربت عليهم المسكنة } كما يضرب البيت على أهله فهم ساكنون في المسكنة غير ظاعنين عنها يظهرون الفقر والمسكنة . وفسر أكثر المفسرين المسكنة بالجزية وهم اليهود عليهم لعنة الله وغضبه قال البيضاوي : واليهود في غالب الأمر فقراء مساكين اه . { ذلك } أي : ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب كائن { بأنهم } أي : بسبب أنهم { كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك } أي : الكفر والقتل { بما عصوا وكانوا يعتدون } أي : كائن بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله تعالى فإنّ الإصرار على الصغائر يقضي إلى الكبائر والإصرار على الكبائر يقضي إلى الكفر والعياذ بالله تعالى .