التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِيضِ حَرَجٞۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِيمٗا} (17)

قوله : { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } الحرج معناه الإثم{[4260]} أي لا إثم على هؤلاء المذكورين في التخلف عن الجهاد لما بهم من أعذار أو زمانة تمنع من الكر والفر مما يقتضيه فن الحرب في ساحات القتال .

وفي الآية بيان لثلاثة أصناف من المعذورين وهم : الأعمى ، فإنه لا يستطيع مزاولة الجهاد أو الإقدام على العدو ولا يمكنه الاحتراز والحذر .

ثم الأعرج ، الذي يعجزه العرج عن مزاولة القتال وما يقتضيه ذلك من قدرة على الحركة والسعي وسرعة التنقل . أما إن كان عرجه هينا بسيطا لا يعجزه عن المجاهدة فلا يعذر في ترك الجهاد . وفي معنى الأعرج ، الأقطع وهو المقطوع اليد . وكذلك المقعد وهو أولى بالعذر .

ثم المريض الذي لا يستطيع الكر والفر وسرعة الحركة والتنقل ولا يقدر على ملاقاة العدو بالضرب والطعن ونحوهما لما به من مرض . أما إن كان مرضه هينا كالسعال أو الصداع الخفيف أو نحو ذلك مما لا يعجز صاحبه عن الجهاد فليس بمعذور .

قوله : { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } يرغب الله المؤمنين في قتال المشركين الظالمين الذين يجحدون آيات الله ، ويصدون الناس عن دين الإسلام . والمعنى : من يطع الله ورسوله في الدعوة إلى جهاد المشركين وإلى القتال في صفوف المؤمنين دفعا لشرور الظالمين وفتنتهم ، وابتغاء مرضاة الله وسعيا لإعلاء كلمة الإسلام ، أولئك يجزيهم ربهم خير الجزاء يوم القيامة حيث النعيم المقيم في جنات تجري من تحتها الأنهار { ومن يتول يعذبه عذابا أليما } من يعرض عن طاعة الله ورسوله فيتخلف عن الجهاد مع المؤمنين فلسوف يبوء بعذاب الذل والخزي في الدنيا ، وبالعذاب الوجيع في الآخرة{[4261]} .


[4260]:المصباح المنير جـ 1 ص 138.
[4261]:تفسير الطبري جـ 26 ص 50- 53 وتفسير الرازي جـ 28 ص 92- 94 وفتح القدير جـ 5 ص 50.