محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِيضِ حَرَجٞۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِيمٗا} (17)

{ ليس على الأعمى حرج } قال المهايمي : وإن أمكنه القتال بإحساس صوت مشي/ العدوّ ، ومشي فرسه ، لكن يصعب عليه حفظ نفسه عنه . { ولا على الأعرج حرج } أي وإن أمكنه القتال قاعدا ، لكن لا يمكنه الكرّ والفرّ ، ولا يقوى قوة القائم { ولا على المريض حرج } أي فإنه وإن أمكنه الإبصار والقيام ، فلا قوة له في دفع العدوّ ، فضلا عن الغلبة عليه .

ثم أشار تعالى إلى أن هؤلاء ، وإن فاتهم الجهاد ، لا ينقص ثوابهم إذا أطاعوا الله ورسوله ، بقوله سبحانه { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول } أي عن إطاعتهما ، وإن كان أعمى أو أعرج أو مريضا { يعذبه عذابا أليما } أي بالمذلة دنيا ، والنار أخرى .

تنبيه :

اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين هم { أولو بأس شديد } – على أقوال :

أحدها – أنهم هوازن .

الثاني- ثقيف ، وكلاهما غزاه النبي صلى الله عليه وسلم .

الثالث – بنو حنيفة الذين تابعوا مسيلمة الكذاب ، وغزاهم أبو بكر رضي الله عنه .

الرابع – أهل فارس والروم ، الذين غزاهم عمر رضي الله عنه .

ومثار الخلاف هو عموم ظاهر الآية ، وشمول مصداقها لكل الغزوات المذكورة . ولوعدّ من الأوجه كفار مكة ، لم يبعد ، بل عندي هو الأقرب ، لأن السين للاستقبال القريب ، فإن هذه السورة نزلت عدة بفتح مكة ، منصرفه صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، وعلى أثرها كانت غزوة الفتح الأعظم ، التي لم يتخلف عنها من القبائل الشهيرة أحد ، إذ دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى قتال قريش أو يسلموا ، فكان ما كان من إسلامهم طوعا أو كرها- والله أعلم - .