المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (59)

وقوله : { يتوارى من القوم } الآية ، هذا التواري الذي ذكر الله تعالى ، إنما هو بعد البشارة بالأنثى ، وما يحكى أن الرجل منهم كان إذا أصاب امرأته الطلق ، توارى حتى يخبر بأحد الأمرين ، فليس المراد في الآية ، ويشبه أن ذلك كان إذا أخبر بسارّ خرج ، وإن أخبر بسوء بقي على تواريه ، ولم يحتج إلى إحداثه ، ومعنى : { يتوارى } ، يتغيب ، وتقدير الكلام : يتوارى من القوم مدبراً ، { أيمسكه أم يدسه } ؟ وقرأت فرقة «أيمسكه » ، على لفظ «ما أم يدسها » ، على معنى الأنثى ، وقرأ الجحدري «أيمسكها أم يدسها » ، على معنى الأنثى في الموضعين ، وقرأ الجمهور «على هُون » بضم الهاء ، وقرأ عيسى بن عمر «على هوان » ، وهي قراءة عاصم الجحدري ، وقرأ الأعمش «على سوء » ، ومعنى الآية : يدبر ؛ أيمسك هذه الأنثى على هوان يتحمله وهم يتجلد له ، أم يدسها فيدفنها حية ، فهو الدس في التراب .

ثم استفتح تعالى بالإخبار بسوء حكمهم وفعلهم بهذا في بناتهم ، ورزق الجميع على الله .