الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (59)

ثم قال تعالى : { يتوارى من القوم من سوء ما بشر به } [ 58 ] .

أي : يستتر هذا المبشر/بالأنثى من القوم فيغيب عن{[39182]} أبصارهم من سوء ما بشر به عنده{[39183]} .

روي أن [ ال{[39184]} ]رجل كان في الجاهلية يتوارى إذا حضر وقت الولادة أو قبلة فإن ولد له ذكر سر{[39185]} به وظهر ، وإن كانت أنثى استتر وربما وأدها ، أي دفنها حية ، وربما أمسكها على كراهية وهوان . وهو قوله : { أيمسكه على هون أم يدسه في التراب } [ 59 ]{[39186]} .

ثم قال [ تعالى{[39187]} ] : { ألا ساء ما يحكمون } [ 59 ]{[39188]} .

أي : بئس{[39189]} الحكم حكمهم ، يجعلون لله ما لا يرضون لأنفسهم ، وما لا يجوز أن يكون له ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون{[39190]} .

والهون والهوان في لغة{[39191]} قريش . وبعض [ بني{[39192]} ] تميم يجعل الهون مصدرا للشيء{[39193]} الهين{[39194]} .

وقرأ عاصم الجحدري{[39195]} " أم يدسها ورده على الأنثى " .

وكان يلزمه أن يقرأ : { أيمسكه }{[39196]} . وقرأ عيسى بن عمر{[39197]} " أيمسكها على هوان{[39198]} " . وقرأ الأعمش : " أيمسكه على سوء " {[39199]} .


[39182]:ق: على أبصارهم.
[39183]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/124.
[39184]:ساقط من ق.
[39185]:ط: "صر" بالصاد.
[39186]:روى هذا الأثر الزجاج، انظر: معاني الزجاج 3/206.
[39187]:ساقط من ط.
[39188]:ط: "صر" بالصاد.
[39189]:ق: أي ليس.
[39190]:ق: ما لا يشتهون.
[39191]:ط: اللغة.
[39192]:ساقط من ق.
[39193]:ق: "لمسي" هكذا.
[39194]:وهو حكاية الفراء، انظر: معاني الفراء 2/106، وجامع البيان 14/124، والجامع 10/17، والدر 5/139، واللسان (هون).
[39195]:وهو عاصم بن أبي الصباح البصري، أخد عن الحسن ويحيى بن بعمرو، وتوفي سنة 123 هـ. انظر: ترجمته في: غاية النهاية 1/349.
[39196]:انظر: قراءة عاصم في إعراب النحاس 2/388، وشواذ القرآن 77 وفيه أنه يقرأ "يمسكها على هون" فلا داعي اذن لاستدراك المؤلف على عاصم بأنه يلزمه أن يقرأ "ايمسكها"، والجامع 10/78.
[39197]:وهو عيسى بن عمر الثقفي بالولاء، أبو سليمان من أئمة اللغة، وهو شيخ الخليل وسبيويه وأول من هذب النحو ورتبه ، له نحو سبعين مصنفا احترف أكثرها، وفيات الأعيان 3/486 وخزانة الأدب 1/56 وطبقات النحويين 4/35، والأعلام 5/106.
[39198]:انظر: هذه القراءة في شواذ القرآن 77 منسوبة للجحدري، والجامع 10/77.
[39199]:انظر: هذه القراءة في الجامع 10/78.