الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (59)

{ يَتَوَارَى } ، يخفى ويغيب ، { مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ } ، من الخزي والعار والحياء ، ثمّ يتفكر ، { أَيُمْسِكُهُ } ، ذكر الكناية ؛ لأنه مردود إلى ( ما ) ، { عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ } ، يخفيه ، { فِي التُّرَابِ } ، فيئده .

وذلك أن مضر وخزاعة وتميماً كانوا يدفنون الإناث أحياء ، زعموا خوف الفقر عليهن ، وطمع غير الأكفاء فيهن ، وكان صعصعة عم الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك ، وجه إلى والد البنت يستحييها بذلك ، ولذلك قال الفرزدق :

ومنا الذي منع الوائدات *** فأحيا الوئيد فلم يوأد

{ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ، بئس ما ، [ يجعلون لله الإناث ] ، ولأنفسهم البنين ، نظيره قوله تعالى :

{ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } [ النجم : 2122 ] .