إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (59)

{ يتوارى } ، أي : يستخفي ، { مِنَ القوم مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ } ، من أجل سوئِه ، والتعبيرُ عنها ب " ما " لإسقاطها عن درجة العقلاء ، { أَيُمْسِكُهُ } ، أي : متردداً في أمره ، محدّثاً نفسَه في شأنه ، أيمسكه ، { على هُونٍ } ، ذل ، وقرئ هوانٍ ، { أَمْ يَدُسُّهُ } ، يُخفيه ، { في التراب } ، بالوأد ، والتذكيرُ باعتبار لفظ " ما " ، وقرئ بالتأنيث { أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ } ، حيث يجعلون ما هذا شأنُه عندهم من الهُون والحقارة لله المتعالي عن الصاحبة والولد ، والحالُ أنهم يتحاشَون عنه ، ويختارون لأنفسهم البنين ، فمدارُ الخطأ ، جعلُهم ذلك لله سبحانه مع إبائهم إياه ، لا جعلُهم البنين لأنفسهم ، ولا عدمُ جعلهم له سبحانه ، ويجوز أن يكون مدارُه التعكيس ، لقوله تعالى : { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى } .