المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

روي أن هذه الآية : { أفمن شرح الله صدره للإسلام } آية نزلت في علي وحمزة ، وأبي لهب وابنه هما اللذان كانا من القاسية قلوبهم ، وفي الكلام محذوف يدل الظاهر عليه ، تقديره ، أفمن شرح الله صدره كالقاسي القلب المعرض عن أمر الله . وشرح الصدر : استعارة لتحصيله للنظر الجيد والإيمان بالله . و «النور » هداية الله تعالى ، وهي أشبه شيء بالضوء . قال ابن مسعود : قلنا يا رسول الله كيف انشراح الصدر ؟ قال : «إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح » ، قالوا وما علامة ذلك ؟ قال : «الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهب للموت قبل الموت » . و «القسوة » : شدة القلب ، وهي مأخوذة من قسوة الحجر ، شبه قلب الكافر به في ضلالته وقلة انفعاله للوعظ . وقال مالك بن دينار : ما ضرب العبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب ، ويدل قوله : { فويل للقاسية } على المحذوف المقدر .