معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة غافر

مكية وآياتها خمس وثمانون

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلاً ، فمر بأثر غيث ، فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات ، فقال : عجبت من الغيث الأول ، فهذا أعجب منه ، فقيل له : إن مثل الغيث الأول مثل عظم القرآن ، وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات مثل آل حم في القرآن .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنبأنا أبو محمد الرومي ، حدثنا أبو العباس السراج ، أنبأنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب الجراح بن الجراح ، حدثه عن ابن عباس ، قال : لكل شيء لباب ، ولباب القرآن الحواميم ، وقال ابن مسعود : إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات أتأنق فيهن ، وقال سعد بن إبراهيم : كن آل الحواميم يسمين العرائس .

قوله تعالى :{ حم } قد سبق الكلام في حروف التهجي . قال السدي ، عن ابن عباس : حم اسم الله الأعظم ، وروى عكرمة عنه ، قال : آلر وحم ونون حروف الرحمن مقطعة ، وقال سعيد بن جبير ، وعطاء الخراساني : الحاء افتتاح أسمائه ، حكيم ، حميد ، حي حليم ، حنان ، والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد منان ، وقال الضحاك ، والكسائي : معناه قضى ما هو كائن ، كأنه أشارا إلى أن معناه حم بضم الحاء وتشديد الميم . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر حم بكسر الحاء ، والباقون بفتحها .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية ، وهي في جلال شأنها وعظيم قدرها ، فياضة بالمعاني والأخبار والعبر ، حافلة بألوان الترهيب والتحذير والتذكير مما فيه موعظة بالغة ومزدَجَر . ويأتي في طليعة ذلك كله بيان كريم بصفة الله جل وعلا على أنه { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو } .

وفي السورة إخبار عن الأمم السابقة الذين نكلوا عن دين الله ، وآذوا النبيين الذين أرسلوا إليهم وهمّوا بقتلهم .

وفي السورة تذكير بأهوال يوم القيامة ، يوم التلاق ؛ إذ تتلاقى الخلائق في يوم عصيب بئيس ، فظيع الكرب ، شديد الزحام ؛ إذ الناس فيه مضطربون وجلون مذعورون .

وتتضمن السورة إنباءً عن قصة فرعون وظلمه وطغيانه وتجبره وفساده في الأرض . إن ذلكم شقي أثيم أسرف في الكفر والعتو وهَمَّ بقتل موسى عليه السلام لولا أن تجرجر ذلك الطاغوت خاسئا مدحورا غريقا وقومه المجرمون في البحر .

وفي السورة لون من ألوان التخاصم والتلاوم في النار بين الكبراء المضلين والأتباع الضالين . وثمة إعلان رباني داوٍ بأن الله ينصر رسله والذين آمنوا معهم في هذه الحياة ويوم يقوم الأشهاد .

وفيها تحضيض كريم من الله على الدعاء . لا جرم أن الدعاء ضرب عظيم من ضروب العبادة التي تكشف عن شديد الإخلاص لله وصادق الإنابة إليه .

إلى غير ذلك من البراهين والعبر وألوان الإنذار والترهيب والتخويف والذكر ما فيه موعظة لكل متدبِّر مدَّكر .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى : { حم ( 1 ) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ( 2 ) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ( 3 ) مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ } .

{ حم } ، من فواتح السور . وهي وأمثالها من المتشابه الذي استأثر الله بعلم ما يراد بها .