معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

قوله تعالى : { ضرب لكم مثلاً من أنفسكم } أي : بين لكم شبهاً بحالكم ، وذلك المثل من أنفسكم ، ثم بين المثل فقال : { هل لكم من ما ملكت أيمانكم } أي : عبيدكم وإمائكم ، { من شركاء فيما رزقناكم } من المال ، { فأنتم } وهم ، { فيه سواء } أي : هل يشارككم عبيدكم في أموالكم التي أعطيناكم ، { تخافونهم كخيفتكم أنفسكم } أي : تخافون أن يشاركوكم في أموالكم ويقاسموكم كما يخاف الحر شريكه الحر في المال يكون بينهما أن ينفرد فيه بأمر دونه ، وكما يخاف الرجل شريكه في الميراث ، وهو يحب أن ينفرد به . قال ابن عباس : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضاً فإذا لم تخافوا هذا من مماليككم ولم ترضوا ذلك لأنفسكم ، فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها شركائي وهم عبيدي ؟ . ومعنى قوله : أنفسكم ، أي : أمثالكم من الأحرار كقوله : { ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً } أي : بأمثالهم . { كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون } ينظرون إلى هذه الدلائل بعقولهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

ثم بين تعالى أمر الأصنام وفساد معتقد من يشركها بالله بضربه هذا المثل ، ومعناه أنكم أيها الناس إذا كان لكم عبيد تملكونهم فإنكم لا تشركونهم في أموالكم ومهمّ أموركم ، ولا في شيء على جهة استواء المنزلة ، وليس من شأنكم أن تخافوهم في أن يرثوا أموالكم أو يقاسموكم إياها في حياتكم كما يفعل بعضكم ببعض فإذا كان هذا فيكم فكيف تقولون إن من عبيده وملكه شركاء في سلطانه وألوهيته ، وتثبتون في جانبه ما لا يليق بكم عندكم بجوانبكم ، هذا تفسير ابن عباس والجماعة .

وجاء هذا المعنى في معرض السؤال والتقرير ، وقرأ الناس «كخيفتكم أنفسَكم » بنصب السين ، وقرأ ابن أبي عبلة «أنفسُكم » بضمها ، وقرأ الجمهور «نفصل » بالنون حملاً على { رزقناكم } ، وقرأ عباس عن أبي عمرو «يفصل » بالياء حملاً على { ضرب لكم مثلاً } .