غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

1

وقد ضرب لذلك مثلاً . ومعنى { من أنفسكم } أنه أخذ مثلاً وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم و " من " للابتداء وفي قوله { مما ملكت أيمانكم } للتبعيض ، والثالثة مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي . والمعنى هل ترضون لأنفسكم أن يكون لكم شركاء من بعض عبيدكم يشاركونكم فيما رزقناكم من الأموال والأملاك { فأنتم } يعني بسبب ذلك أنتم أيها السادات والعبيد في ذلك المرزوق { سواء } من غير تفضيل وففضل للأحرار على العبيد { تخافونهم } أن تستبدوا بتصرف دونهم { كخيفتكم أنفسكم } أي كما يهاب بعضكم بعضاً من الأحرار . والحاصل أن من يكون له مملوك لا يكون شريكاً له في ماله ولا يكون له حرمة كحرمة سيده فكيف يجوز أن يكون عباد الله شركاء له أو شفعاء عنده بغير إذنه ؟ وكيف يجوز أن يكون لهم عظمة مثل عظمة الله حتى يعبدوا كعبادته على أن مملوككم ليس مملوكاً لكم في الحقيقة ليس إلا اختصاص المبايعة ، ولهذا لا حكم لهم عليهم بالقتل والقطع وبالمنع من الفرائض وقضاء الحاجة والنوم . وقد يزول الاختصاص بالبيع والعتق ومملوك الله لا خروج له من ملكه بوجه من الوجوه وفي قوله { فيما رزقناكم } إشارة إلى أن الذي هو لكم ليس في الحقيقة لكم وإنما الله استخلفكم فيه ورزقكموه من فضله { كذلك } أي مثل هذا التفصيل والتبعيد للتعظيم أو لدخوله في حيز الذكر أو المضي { نفصل الآيات } نبينها { لقوم يعقلون } لأن التمثيل إنما يكشف المعاني لأرباب العقول .

/خ32