ولما بان من هذا أنه المتفرد في الملك بشمول العلم وتمام القدرة وكمال الحكمة ، اتصل بحسن أمثاله وإحكام{[52948]} مقاله وفعاله قوله : { ضرب لكم } أي بحكمته في أمر الأصنام و{[52949]} بيان إبطال من يشرك بها وفساد قوله بأجلى ما يكون من التقرير : { مثلاً } مبتدئاً { من أنفسكم } التي هي{[52950]} أقرب الأشياء إليكم ، فأنتم لما تذكرون به أجدر بأن{[52951]} تفهموه .
ولما كان حاصل المثل أنه لا يكون مملوك كمالك ، وكان التقرير أقرب إلى التذكير وأبعد عن التنفير{[52952]} ، قال منكراً موبخاً مقرراً{[52953]} : { هل لكم } أي يا من عبدوا مع الله بعض عبيده { من ما } أي من بعض ما { ملكت أيمانكم } أي من العبيد أو{[52954]} الإماء الذين هم بشر مثلكم ، وعم في النفي الذي هو المراد بالاستفهام بزيادة الجار بقوله : { من شركاء{[52955]} } أي{[52956]} في حالة من الحالات يسوغ لكم بذلك أن تجعلوا لله شركاء{[52957]} ، ونبه على ما في{[52958]} إيجاد الرزق ثم قسمته{[52959]} بين الخلق وغير ذلك من شؤونه بقوله : التفاتاً{[52960]} بعد طول التعبير بالغيبة التي قد يتوهم معها بعد - إلى التكلم بالنون الدال مع القرب على العظمة ولذة{[52961]} الإقبال بالمخاطبة : { فيما رزقناكم } أي بما لنا من العظمة من مال أو جاه مع ضعف ملككم فيه .
ولما كانت الشركة سبباً لتساوي{[52962]} الشريكين في الأمر المشترك قال : { فأنتم } أي معاشر الأحرار والعبيد . ولما كان ربما توهم أن " من شركاء " صفة لأولاد{[52963]} من سراريهم ، قدم الصلة دفعاً لذلك فقال : { فيه } أي الشيء الذي وقعت فيه الشركة من ذلك الرزق خاصة لا غيره من نسب أو حسب ونحوهما أو خفة في بدن أو قلب أو طول في عمر ونحوها ، وأما أولادهم من السراري فربما ساووهم في ذلك وغيره من النسب ونحوه ، والعبيد ربما ساووهم في قوة البدن وطول العمر أو زادوا{[52964]} { سواء } ثم بين المساواة التي هي أن يكون حكم أحد القبيلين{[52965]} في المشترك على السواء كحكم الآخر لا يستبد أحدهما عن الآخر بشيء بقوله : { تخافونهم } أي معاشر السادة في التصرف في ذلك الشيء المشترك .
ولما كانت أداة التشبيه أدل ، أثبتها فقال{[52966]} : { كخيفتكم أنفسكم } أي كما تخافون بعض من تشاركونه ممن يساويكم في الحرية والعظمة أن تتصرفوا في الأمر المشترك بشيء لا يرضيه وبدون إذنه ، فظهر أن حالكم في عبيدكم مثل له{[52967]} {[52968]}فيمن أشركتموهم{[52969]} به موضح لبطلانه ، فإذا لم{[52970]} ترضوا هذا لأنفسكم وهو أن يستوي{[52971]} عبيدكم معكم{[52972]} في الملك فكيف ترضونه بخالقكم في هذه الشركاء التي زعمتموها فتسوونها به وهي من أضعف خلقه أفلا{[52973]} تستحيون ؟ .
ولما كان هذا المثال ، في الذروة من الكمال ، كان السامع جديراً بأن يقول : جل ألله ! ما أعلى شأن هذا البيان ! هل يبين كل شيء هكذا ؟ فقال : { كذلك } أي مثل هذا البيان العالي { نفصل } أي نبين ، لأن الفصل هو الميز وهو البيان ، وذلك على وجه عظيم - بما أشار إليه التضعيف مع التجديد والاستمرار : { الآيات } أي الدلالات الواضحات .
ولما كان البيان لا ينفع المسلوب قال : { لقوم يعقلون* } إشارة إلى أنهم إن{[52974]} لم يعملوا بمقتضى ذلك كانوا مجانين ، لأن{[52975]} التمثيل يكشف المعاني بالتصوير والتشكيل{[52976]} كشفاً لا يدع لبساً ، فمن خفي عليه لم يكن له تمييز{[52977]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.