مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (28)

وعن مجاهد : هو قول لا إله إلا الله . ومعناه وله الوصف الأرفع الذي هو الوصف بالوحدانية ويعضده قوله { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ } فهذا مثل ضربه الله عز وجل لمن جعل له شريكاً من خلقه . و «من » للابتداء كأنه قال : أخذ مثلاً وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم { هَلْ لَّكُمْ } معاشر الأحرار { مّن مَّا مَلَكَتْ أيمانكم } عبيدكم و «من » للتبعيض { مّن شُرَكَاء } «من » مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي ومعناه : هل ترضون لأنفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد أن يشارككم بعضهم { فِى مَا رزقناكم } من الأموال وغيرها { فَأَنتُمْ } معاشر الأحرار والعبيد { فِيهِ } في ذلك الرزق { سَوَآء } من غير تفصلة بين حر وعبد يحكم مماليككم في أموالكم كحكمكم { تَخَافُونَهُمْ } حال من ضمير الفاعل في سواء أي متساوون خائفاً بعضكم بعضاً مشاركته في المال ، والمعنى : تخافون معاشرة السادة عبيدكم فيها فلا تمضون فيها حكماً دون إذنهم خوفاً من لائمة تلحقكم من جهتهم { كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } يعني كما يخاف بعض الأحرار بعضاً فيما هو مشترك بينهم ، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف ترضون لرب الأرباب ومالك الأحرار والعبيد أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء ؟ { كذلك } موضع الكاف نصب أي مثل هذا التفصيل { نُفَصّلُ الآيات } نبينها لأن التمثيل مما يكشف المعاني ويوضحها { لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يتدبرون في ضرب الأمثال