{ لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت } تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك فإن لولا إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ وإذا دخل على المستقبل أفاد التحضيض . { لبئس ما كانوا يصنعون } أبلغ من قوله لبئس ما كانوا يعملون من حيث إن الصنع عمل الإنسان بعد تدرب فيه وترو وتحري إجادة ، ولذلك ذم به خواصهم ولأن ترك الحسنة أقبح من مواقعة المعصية ، لأن النفس تلتذ بها وتميل إليها ولا كذلك ترك الإنكار عليها فكان جديرا بأبلغ الذم .
وقوله تعالى : { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار } تخصيص في ضمنه توبيخ لهم إذ تركوا اللازم ، قال الطبري : كل العلماء يقولون ما في القرآن آية هي أشد توبيخاً للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها ، وقال الضحاك بن مزاحم : ما في القرآن آية أخوف عندي منها إنا لا َنْنهى ، وقال نحو هذا ابن عباس ، وقرأ الجراح وأبو واقد «الرِبانيون » بكسر الراء واحدهم ربي إما منسوب إلى علم الرب وإما من تربية الناس بصغار العلم قبل كباره ، وزيدت النون في نسبته مبالغة كشعراني ومنظراني ومخبراني ، وقال الحسن : الرباني عالم الإنجيل والحبر عالم التوراة .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وقوله في الرباني شاذ بعيد . و { الأحبار } واحدهم حبر بكسر الحاء وفتحها وهم العلماء الذين لا يعنون لإصلاح الناس ولا يكلفون ذلك ، والرباني هو العالم المدير المصلح ، وقوله تعالى : { عن قولهم الإثم } ظاهر أن { الإثم } هنا يراد به الكفر ، ويحتمل أن يراد به سائر أقوالهم المنكرة في النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وقرأ عباس «بئس ما كانوا يصنعون » بغير لام قسم .
{ لولا } تحْضيض أريد منه التّوبيخ .
و { الربّانيون والأحبار } تقدّم بيان معناهما في قوله تعالى : { يحكم بها النبيئون } [ المائدة : 44 ] الآية .
واقتصر في توبيخ الربّانيين على ترك نهيهم عن قول الإثم وأكللِ السحت ، ولم يذكر العُدوان إيماء إلى أنّ العدوان يزجرهم عنه المسلمون ولا يلتجئون في زجرهم إلى غيرهم ، لأنّ الاعتماد في النصرة على غير المجني عليه ، ضعف .
وجملة { لبئس ما كانوا يصنعون } مستأنفة ، ذمّ لصنيع الربّانيين والأحبار في سكوتهم عن تغيير المنكر ، و { يصنعون } بمعنى يعْلمون ، وإنّما خولف هنا ما تقدّم فيّ الآية قبلها للتّفنن ، وقيل : لأنّ { يصنعون } أدلّ على التمكّن في العمل من { يعملون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.