و " لولا " : حرفُ تحضيض ومعناه التوبيخ أي : هلاَّ ، وقرأ الجَرَّاحُ وأبُو وَاقِدٍ : " الرِّبِّيُّونَ " مكان الرَّبَانِيِّين ، قال الحسن - رحمه الله - : " الرَّبَانِيُّون عُلَمَاءُ أهل الإنجيل ، والأحْبَار عُلَمَاءُ أهْل التَّوْرَاة " {[12236]} ، وقال غيره{[12237]} : كُلُّهُم في اليهُود ؛ لأنَّه مُتَّصِل بذكرهم ، والمعنى : أنَّ اللَّه اسْتَبْعَدَ من عُلَمَاءِ أهْلِ الكتاب أنَّهُمْ ما نهوا سَفَلتهم وعَوامَّهُم عن المَعَاصِي ، وذلك يُدُلُّ على أنَّ تَرْكَ النَّهْي عن المنكر بمنزلة مُرْتَكِبِهِ ؛ لأنَّهُ تعالى ذَمَّ الفَرِيقَيْنِ في هَذِهِ الآيَةِ على لَفْظٍ واحدٍ ، بل نقُول : أنَّ ذَمَّ تَارِك النهي عن المُنْكَر أقْوَى ؛ لأنَّه قال في المُقْدِمِين على الإثْمِ والعُدْوان وأكلهم السُّحْت : { لبئس ما كانُوا يَعملُون } وقال في العُلَمَاء{[12238]} التَّاركِين للنَّهْي عن المنكر : { لبِئْسَ مَا كانُوا يَصْنَعُون } والصُّنْعُ أقوى مِنَ العَمَلِ ؛ فإنَّما العمل يُسَمَّى صِناعَةً ، إذا صَارَ مُسْتَقِرّاً راسخاً مُتَمَكِّناً ، فجعل [ حُرْمَ ]{[12239]} العامِلين ذَنْباً غير رَاسخٍ ، وذنب التَّارِكِين للنهْي المُنْكر ذَنْباً راسِخاً ، والأمْرُ في الحقيقَة راسخاً كذلك ؛ لأنَّ المعْصِيَة مرضُ الرُّوح ، وعلاجُه العِلْمُ باللَّه وبصفَاتِهِ وبأحْكَامِه ، فإذا حَصَل هذا العِلْم ولم تزل المعْصِيَة ، كان كالمَرِيض الذي يعالج بأدويته ، قَلَّ فيها الشِّفَاءُ ، ومثل هذا المرض صَعْبٌ شديد لا يَكَادُ يَزُولُ ، وكذلك العَالِمُ إذا أقْدَم على المعْصِيَة دَلّ على أنَّ مرض فَقْد الإيمَان في غايَةِ القُوَّةِ والشِّدَّةِ .
رُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال : هِيَ أشَدُّ آية في القُرْآن{[12240]} ، وعَنِ الضَّحَّاك : ما في القُرآن آية أخْوَفُ عِنْدِي مِنْهَا{[12241]} .
وقرأ{[12242]} ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - " بِئْسَمَا " بغير لام قسم ، و " قَوْلِهِمْ " مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه ، و " الإثْمَ " مفعولُه .
والظاهر أن الضمير في " كانُوا " عائدٌ على الأحْبَار والرُّهْبَان ، ويجوز أن يعودَ على المتقدِّمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.