السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَوۡلَا يَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (63)

{ لولا } هلا { ينهاهم } أي : يجدّد لهم النهي { الربانيون } أي : المدّعون للتخلي من الدنيا إلى سبيل الرب { والأحبار } أي : العلماء { عن قولهم الإثم } أي : الكذب { وأكلهم السحت } أي : الحرام هذا تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك فإن ( لولا ) إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ وإذا دخل على المضارع المستقبل أفاد التحضيض { لبئس ما كانوا يصنعون } ترك نهيهم .

فإن قيل : لم عبّر في الأوّل بيعملون وفي الثاني بيصنعون ؟ أجيب : بأنّ كل عامل لا يسمّى صانعاً ولا كل عمل يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب ولذلك ذم بهذا خواصهم ولأنّ ترك الإنكار على المعصية أقبح من مواقعة المعصية لأنّ النفس تلتذ بها وتميل إليها ، ولا كذلك ترك الإنكار عليها فكان جديراً بأبلغ الذمّ فيدخل في الذمّ كل من كان قادراً على النهي عن المنكر من العلماء أو غيرهم وتركه ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هي أشد آية نزلت في القرآن ، وعن الضحاك ما في القرآن آية أخوف عندي منها .