إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَوۡلَا يَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (63)

{ لَوْلاَ ينهاهم الربانيّون والأحبار } قال الحسن : الربانيون علماء الإنجيل ، والأحبار علماء التوراة ، وقيل : كلهم في اليهود وهو تحضيضٌ للذين يقتدي بهم أفناؤهم ويَعْلمون قَباحةَ ما هم فيه وسوءَ مغبَّته على نهْيِ أسافلِهم عن ذلك مع توبيخ لهم على تركه { عَن قَوْلِهِمُ الإثم وَأَكْلِهِمُ السحت } مع علمهم بقبحهما ومشاهدتهم لمباشرتهم لهما { لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } وهذا أبلغ مما قيل في حق عامتهم لما أن العمل لا يبلُغ درجة الصنع ما لم يتدرَّبْ فيه صاحبُه ولم يحصُلْ فيه مهارة تامة ، ولذلك ذَمَّ به خواصَّهم ، ولأن ترك الحسنة أقبحُ من مواقعة المعصية ، لأن النفس تلتذ بها وتميل إليها ، ولا كذلك تركُ الإنكار عليها ، فكان جديراً بأبلغِ ذم ، وفيه مما يُنعى على العلماء توانيهم في النهي عن المنكرات ما لا يخفى . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها أشد آية في القرآن ، وعن الضحاك : ما في القرآن آية أخوفُ عندي منها .