{ لولا } أي هلا ، وهي هنا للتحضيض والتوبيخ لعلمائهم وعبادهم عن تركهم النهي عن المنكر { ينهاهم الربانيون والأحبار } قال الحسن : الربانيون علماء النصارى والأحبار علماء اليهود وقيل : الكل من اليهود لأن هذه الآيات فيهم { عن قولهم الإثم } يعني الكذب { وأكلهم السحت } أي : الرشا والحرام { لبئس ما كانوا يصنعون } أي : الأحبار والرهبان إذا لم ينهوا غيرهم عن المعاصي .
وهذا فيه زيادة على قوله { لبئس ما كانوا يعملون } لأن العمل لا يبلغ درجة الصنع حتى يتدرب فيه صاحبه ، ولهذا تقول العرب سيف صنيع إذا جود عامله عمله فالصنع هو العمل الجيد لا مطلق العمل ، فوبخ سبحانه الخاصة وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما هو أغلظ وأشد من توبيخ فاعلي المعاصي .
فليفتح العلماء لهذه الآية مسامعهم ويفرجوا لها عن قلوبهم ، فإنها قد جاءت بما فيه البيان الشافي لهم بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها لا يسمن ولا يغني من جوع ، بل هم أشد حالا وأعظم وبالا من العصاة ، فرحم الله عالما قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهو أعظم ما افترضه الله عليه ، وأوجب ما وجب عليه النهوض به .
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم وأعنا على ذاك وقونا عليه ، ويسره لنا وانصرنا على من تعدى حدودك وظلم عبادك إنه لا ناصر لنا سواك ولا مستعان غيرك يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين ، وقد وردت أحاديث كثيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا حاجة لنا في بسطها هنا .
ففي الآية أيضا ذم العلماء المسلمين على توانيهم في النهي عن المنكرات ، ولذلك قال ابن عباس : ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية ، وقال الضحاك : ما في القرآن آية أخوف عندي منها ، وفيه دلالة على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه لأن الله تعالى ذم الفريقين في هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.