ثم قال تعالى : { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون }
معنى { لولا } هاهنا التحضيض والتوبيخ ، وهو بمعنى هلا ، والكلام في تفسير الربانيين والأحبار قد تقدم . قال الحسن : الربانيون علماء أهل الإنجيل ، والأحبار علماء أهل التوراة . وقال غيره : كله في اليهود لأنه متصل بذكرهم ، والمعنى أن الله تعالى استبعد من علماء أهل الكتاب أنهم ما نهوا سفلتهم وعوامهم عن المعاصي ، وذلك يدل على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه ، لأنه تعالى ذم الفريقين في هذه الآية على لفظ واحد ، بل نقول : إن ذم تارك النهي عن المنكر أقوى لأنه تعالى قال في المقدمين على الإثم والعدوان وأكل السحت { لبئس ما كانوا يعملون } وقال في العلماء التاركين للنهي عن المنكر { لبئس ما كانوا يصنعون } والصنع أقوى من العمل لأن العمل إنما يسمى صناعة إذا صار مستقرا راسخا متمكنا ، فجعل جرم العاملين ذنبا غير راسخ ، وذنب التاركين للنهي عن المنكر ذنبا راسخا ، والأمر في الحقيقة كذلك لأن المعصية مرض الروح ، وعلاجه العلم بالله وبصفاته وبأحكامه ، فإذا حصل هذا العلم وما زالت المعصية كان مثل المرض الذي شرب صاحبه الدواء فما زال ، هناك يحصل العلم بأن المرض صعب شديد لا يكاد يزول ، فكذلك العالم إذا أقدم على المعصية دل على أن مرض القلب في غاية القوة والشدة ، وعن ابن عباس : هي أشد آية في القرآن ، وعن الضحاك : ما في القرآن آية أخوف عندي منها ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.