معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (10)

قوله تعالى : { إنما النجوى من الشيطان } أي من تزيين الشيطان ، { ليحزن الذين آمنوا } أي إنما يزين لهم ذلك ليحزن المؤمنين ، { وليس } التناجي ، { بضارهم شيئاً } وقيل : ليس الشيطان بضارهم شيئاً ، { إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } . أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الظاهري ، أنبأنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار ، أنبأنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه ، فإن ذلك يحزنه " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (10)

إنما النجوى أي النجوى بالإثم والعدوان من الشيطان فإنه المزين لها والحامل عليها ليحزن الذين آمنوا بتوهمهم أنها في نكبة أصابتهم وليس أي الشيطان أو التناجي بضارهم بضار المؤمنين شيئا إلا بإذن الله إلا بمشيئته وعلى الله فليتوكل المؤمنون ولا يبالوا بنجواهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (10)

واختلف الناس في { النجوى } التي هي { من الشيطان } التي أخبر عنها في هذه الآية ، فقال جماعة من المفسرين أراد :{ إنما النجوى } في الإثم والعدوان ومعصية الرسول{ من الشيطان } ، وقال قتادة وغيره : الإشارة إلى نجوى المنافقين واليهود ، وقال عبد الله بن زيد بن أسلم : الإشارة إلى نجوى قوم من المسلمين كانوا يقصدون مناجاة النبي عليه السلام ، وليس لهم حاجة ولا ضرورة إلى ذلك ، وإنما كانوا يريدون التبجح بذلك ، وكان المسلمون يظنون أن تلك النجوى في أخبار بعد وقاصد أو نحوه .

قال القاضي أبو محمد : وهذان القولان يعضدهما ما يأتي من ألفاظ الآية ، ولا يعضد القول الأول . وقال عطية العومي{[11007]} في هذه الآية : نزلت في المنامات التي يراها المؤمن فتسوءه ، وما يراه النائم فكأنه نجوى يناجى بها .

قال القاضي أبو محمد : وهذا قول أجنبي من المعنى الذي قبله والذي بعده .

وقرأ نافع وأهل المدينة : «ليُحزِن » بضم الياء وكسر الزاي ، والفعل مسند إلى { الشيطان } ، وقرأ أبو عمرو والحسن وعاصم وغيرهم : «ليَحزُن » بفتح الياء وضم الزاي ، تقول حزُنت قلب الرجل : إذا جعلت فيه حزناً ، فهو كقولك كحلت العين ، وهو ضرب من التعدي ، كأن المفعول ظرف . وقد ذكر سيبويه رحمه الله هذا النوع من تعدي الأفعال ، وقرأ بعض الناس : «ليَحزَن » بفتح الياء والزاي . و : { الذين } على هذه القراءة رفع بإسناد الفعل إليهم ، يقال حَزِن الرجل بكسر الزاي .

ثم أخبر تعالى أن الشيطان أو التناجي الذي هو منه ليس بضار أحداً إلا أن يكون ضر بإذن الله أي بأمره وقدره . ثم أمر بتوكل المؤمنين عليه تبارك وتعالى : وهذا كله يقوي أن التناجي الذي من الشيطان إنما هو الذي وقع منه للمؤمنين خوف ، وللخوف اللاحق للقلوب في هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا يتناجى اثنان دون الثالث » .


[11007]:هو عطية بن سعد بن جُنادة-بضم الجيم وبعدها نون خفيفة- العوفي، الجدلي، الكوفي، أبو الحسن، صدوق يخطئ كثيرا، كان شيعيا، من الطبقة الثالثة، مات سنة إحدى عشرة.(تقريب التهذيب).