قوله تعالى : { إنا نحن نحيي الموتى } عند البعث ، { ونكتب ما قدموا } من الأعمال من خير وشر ، { وآثارهم } أي : ما سنوا من سنة حسنة أو سيئة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها ، من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً " وقال قوم : قوله : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } أي : خطاهم إلى المسجد . روي عن أبي سعيد الخدري قال : شكت بنو سلمة بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى : { ونكتب ما قدموا وآثارهم }
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، حدثنا أبو سعيد محمد بن عيسى الصيرفي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا محمد بن هشام بن ملاس النميري ، حدثنا مروان الفزاري ، حدثنا حميد بن أنس رضي الله عنه قال : " أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة ، فقال : يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم ؟ فأقاموا " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن يزيد ابن عبد الله أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشىً ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام " . قوله تعالى : { وكل شيء أحصيناه } حفظناه وعددناه وبيناه ، { في إمام مبين } وهو اللوح المحفوظ .
ولما بين الأصل الثاني هو الرسالة وأتبعها ثمرتها المختومة بالبشارة ، وكان الأصل الثالث في الإيمان - وهو البعث - سبباً عظيماً في الترقية إلى اعتقاد الوحدانية التي هي الأصل الأول ، وكان أكثر الخائفين منه سبحانه مقتراً عليهم في دنياهم منغضة عليهم حياتهم ، علل هذه البشارة إعلاماً بأن هذا الأجر في هذه الدار بالملابس الباطنة الفاخرة من المعارف والسكينة والبركات والطمأنينة ، وبعد البعث بالملابس الطاهرة الزاهرة المسببة عن الملابس الدنيوية الباطنة الخفية من غير أهلها ، بشارة لهم ونذارة للقسم الذي قبلهم بقوله ، مقدماً للبعث لما ذكر من فائدته ، لافتاً القول إلى مظهر العظمة إيذاناً بعظمة هذه المقاصد وبأنه لا يحمي لهؤلاء الخلص مع قلتهم ومباينتهم للأولين مع كثرتهم إلا من له العظمة الباهرة : { إنا نحن } أي بما لنا من العظمة التي لا تضاهى { نحيي } أي بحسب التدريج الآن وجملة في الساعة { الموتى } أي كلهم حساً بالبعث ومعنى بالإنقاذ إذا أردنا من ظلم الجهل { ونكتب } أي من صالح وغيره شيئاً فشيئاً بعده فلا يتعدى التفصيل شيئاً في ذلك الإجمال { ما قدموا } من جميع أفعالهم وأحوالهم وأقوالهم جملة عند نفخ الروح { وآثارهم } أي سننهم التي تبقى من بعدهم صالحة كانت أو غير صالحة ، ونجازي كلاً بما يستحق في الدار الآخرة التي الجزاء فيها لا ينقطع ، فلا أكرم منه إذا كان كريماً .
ولما كان ذلك ربما أوهم الاقتصار على كتابة ما ذكر من أحوال الآدميين أو الحاجة إلى الكتابة ، دل على قدرته على ما لا تمكن القدرة عليه لأحد غيره في أقل قليل مما ذكر ، فكيف بما فوقه ، فقال ناصباً عطفاً لفعليه على فعليه وهي " تكتب " : { وكل شيء } أي من أمر الأحياء وغيرهم { أحصيناه } أي قبل إيجاده بعلمنا القديم إحصاء وكتبناه { في إمام } أي كتاب هو أهل لأن يقصد { مبين * } أي لا يخفى فيه شيء من جميع الأحوال على أحد أراد علمه منه ، فلله هذه القدرة الباهرة والعظمة الظاهرة والعزة القاهرة ، فالآية من الاحتباك : دل فعل الإحصاء على مصدره وذكر الإمام على فعل الكتابة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.