معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

{ عاليهم ثياب سندس } قرأ أهل المدينة وحمزة : { عاليهم } ساكنة الياء مكسورة الهاء ، فيكون في موضع رفع بالابتداء ، وخبره : ثياب سندس ، وقرأ الآخرون بنصب الياء وضم الهاء على الصفة ، أي فوقهم ، وهو نصب على الظرف { ثياب سندس خضر وإستبرق } قرأ نافع وحفص : { خضر وإستبرق } مرفوعاً عطفاً على الثياب ، وقرأهما حمزة والكسائي مجرورين ، وقرأ ابن كثير وأبو بكر : خضر جر وإستبرق رفع ، وقرأ أبو جعفر وأهل البصرة والشام على ضده فالرفع على نعت الثياب والجر على نعت السندس . { وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } قيل : طاهراً من الأقذار والأقذاء لم تدنسه الأيدي والأرجل كخمر الدنيا . وقال أبو قلابة وإبراهيم : إنه لا يصير بولاً نجساً ولكنه يصير رشحاً في أبدانهم ، كريح المسك ، وذلك أنهم يؤتون بالطعام ، فيأكلون ، فإذا كان آخر ذلك أتوا بالشراب الطهور ، فيشربون فيطهر بطونهم ويصير ما أكلوا رشحاً يخرج من جلودهم أطيب من المسك الأذفر ، وتضمر بطونهم وتعود شهوتهم . وقال مقاتل : هو عين ماء على باب الجنة من شرب منها نزع الله ما كان في قلبه من غل وغش وحسد .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

{ عاليهم } بسكون الياء مبتدأ خبره .

{ ثياب سندس } أي : ما يعلوهم من الثياب ثياب سندس ، وقرئ بالنصب على الحال ، من الضمير في يطوف عليهم أو في حسبتهم ، وقال ابن عطية : العامل فيه لقاهم أو جزاهم ، وقال أيضا يجوز أن ينتصب على الظرف لأن معناه فوقاهم ، وقد ذكرنا معنى السندس والإستبرق وقرئ . { خضر } بالخفض صفة لسندس وبالرفع صفة لثياب .

{ وإستبرق } بالرفع عطف على ثياب ، وبالخفض عطف على سندس .

{ وحلوا } وزنه فعلوا معناه : جعل لهم حلي .

{ أساور من فضة } ذكرنا الأساور في الكهف ، فإن قيل : كيف قال هنا أساور من فضة ، وفي موضع آخر أساور من ذهب ؟ فالجواب : أن ذلك يختلف باختلاف درجات أهل الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم : " جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهم " . فلعل الذهب للمقربين ، والفضة لأهل اليمين ويحتمل أن يكون أهل الجنة لهم أساور من فضة ومن ذهب معا .

{ شرابا طهورا } أي : ليس بنجس كخمر الدنيا ، وقيل : معناه أنه لم تعصره الأقدام ، وقيل : معناه لا يصير بولا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

قوله : { عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق } أي فوق هؤلاء الأبرار في الجنة ثياب سندس ، أي ثياب من ديباج رقيق حسن { خضر } صفة للثياب { وإستبرق } معطوف على السندس ، وهو ما غلظ من الديباج { وحلّوا أساور من فضة } أساور جمع أسورة . والمفرد سوار{[4712]} يعني ، يلبسون في الجنة أسورة من فضة ليتحلوا بها ، ويبتهجوا بها أيما ابتهاج .

قوله : { وسقاهم ربهم شرابا طهورا } أي سقى الله هؤلاء الأبرار في الجنة شرابا طهورا . أي يظل في أبدانهم طاهرا فلا ينجس ولا يصير بولا ولكنه يرشح من أبدانهم كرشح المسك . وقيل : يطهر بواطنهم من أدران الغل والحسد والحقد وغير ذلك من الصفات الذميمة .


[4712]:مختار الصحاح ص 320.