وقرأ عمر وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة وجمهور السبعة : { عاليهم } بفتح الياء ؛ وابن عباس : بخلاف عنه ؛ والأعرج وأبو جعفر وشيبة وابن محيصن ونافع وحمزة : بسكونها ، وهي رواية أبان عن عاصم .
وقرأ ابن مسعود والأعمش وطلحة وزيد بن عليّ : بالياء مضمومة ؛ وعن الأعمش وأبان أيضاً عن عاصم : بفتح الياء .
وقرأ : عليهم حرف جر ، ابن سيرين ومجاهد وقتادة وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزعفراني وأبان أيضاً ؛ وقرأت عائشة رضي الله عنها : علتهم بتاء التأنيث فعلاً ماضياً ، فثياب فاعل .
ومن قرأ بالياء مضمومة فمبتدأ خبره ثياب ؛ ومن قرأ عليهم حرف جر فثياب مبتدأ ؛ ومن قرأ بنصب الياء وبالتاء ساكنة فعلى الحال ، وهو حال من المجرور في { ويطوف عليهم } ، فذوا لحال الطوف عليهم والعامل يطوف .
وقال الزمخشري : وعاليهم بالنصب على أنه حال من الضمير في { يطوف عليهم } ، أو في { حسبتهم } ، أي يطوف عليهم ولدان عالياً للمطوف عليهم ثياب ، أو حسبتهم لؤلؤاً عالياً لهم ثياب .
ويجوز أن يراد : رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب . انتهى .
إما أن يكون حالاً من الضمير في { حسبتهم } ، فإنه لا يعني إلا ضمير المفعول ، وهذا عائد على { ولدان } ، ولذلك قدر عاليهم بقوله : عالياً لهم ، أي للولدان ، وهذا لا يصح لأن الضمائر الآتية بعد ذلك تدل على أنها للمطوف عليهم من قوله : { وحلوا وسقاهم } ، وإن هذا كان لكم جزاء ، وفك الضمائر يجعل هذا كذا وذاك كذا مع عدم الاحتياج والاضطرار إلى ذلك لا يجوز .
وأما جعله حالاً من محذوف وتقديره أهل نعيم ، فلا حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة الكلام وبراعته دون تقدير ذلك المحذوف ، وثياب مرفوع على الفاعلية بالحال .
وقال ابن عطية : ويجوز في النصب في القراءتين أن يكون على الظرف لأنه بمعنى فوقهم . انتهى .
وعال وعالية اسم فاعل ، فيحتاج في إثبات كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولاً من كلام العرب عاليك أو عاليتك ثوب .
وقرأ الجمهور : ثياب بغير تنوين على الإضافة إلى سندس .
وقرأ ابن عبلة وأبو حيوة : عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ، برفع الثلاثة ، برفع سندس بالصفة لأنه جنس ، كما تقول : ثوب حرير ، تريد من حرير ؛ وبرفع خضر بالصفة أيضاً لأن الخضرة لونها ؛ ورفع استبرق بالعطف عليها ، وهو صفة أقيمت مقام الموصوف تقديره : وثياب استبرق ، أي من استبرق .
وقرأ الحسن وعيسى ونافع وحفص : خضر برفعهما .
وقرأ العربيان ونافع في رواية : خضر بالرفع صفة لثياب ، وإستبرق جر عطفاً على سندس .
وقرأ ابن كثير وأبو بكر : بجر خضر صفة لسندس ، ورفع إستبرق عطفاً على ثياب .
وقرأ الأعمش وطلحة والحسن وأبو عمرو : بخلاف عنهما ؛ وحمزة والكسائي : ووصف اسم الجنس الذي بينه وبين واحده تاء التأنيث ، والجمع جائز فصيح كقوله تعالى : { وينشىء السحاب الثقال } وقال : { والنخل باسقات } فجعل الحال جمعاً ، وإذا كانوا قد جمعوا صفة اسم الجنس الذي ليس بينه وبين واحده تاء التأنيث المحكي بأل بالجمع ، كقولهم : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ، حيث جمع وصفهما ليس بسديد ، بل هو جائز أورده النحاة مورد الجواز بلا قبح .
وقرأ ابن محيصن : { وإستبرق } ، وتقدم ذلك والكلام عليه في الكهف .
وقال الزمخشري هنا : وقرىء واستبرق نصباً في موضع الجر على منع الصرف لأنه أعجمي ، وهو غلط لأنه نكرة يدخله حرف التعريف ، تقول : الاستبرق إلا أن يزعم ابن محيصن أنه قد يجعل علماً لهذا الضرب من الثياب .
وقرىء : واستبرق ، بوصل الهمزة والفتح على أنه مسمى باستفعل من البريق ، وليس بصحيح أيضاً لأنه معرب مشهور تعريبه ، وأن أصله استبره . انتهى .
ودل قوله : إلا أن يزعم ابن محيصن ، وقوله : بعد وقرىء واستبرق بوصل الألف والفتح ، أن قراءة ابن محيصن هي بقطع الهمزة مع فتح القاف ؛ والمنقول عنه في كتب القراءات أنه قرأ بوصل الألف وفتح القاف .
وقال أبو حاتم : لا يجوز ، والصواب أنه اسم جنس لا ينبغي أن يحمل ضميراً ، ويومئذ ذلك دخول لام المعرفة عليه ، والصواب قطع الألف وإجراؤه على قراءة الجماعة . انتهى .
ونقول : إن ابن محيصن قارىء جليل مشهور بمعرفة العربية ، وقد أخذ عن أكابر العلماء ، ويتطلب لقراءته وجه ، وذلك أنه يجعل استفعل من البريق .
وتقول : برق واستبرق ، كعجب واستعجب .
ولما كان قوله : { خضر } يدل على الخضرة ، وهي لون ذلك السندس ، وكانت الخضرة مما يكون لشدتها دهمة وغبش ، أخبر أن في ذلك اللون بريقاً وحسناً يزيل غبشته .
فاستبرق فعل ماض ، والضمير فيه عائد على السندس أو على الاخضرار الدال عليه قوله : { خضر } .
وهذا التخريج أولى من تلحين من يعرف العربية وتوهيم ضابط ثقة { أساور من فضة } ، وفي موضع آخر { من ذهب } أي يحلون منهما على التعاقب أو على الجمع بينهما ، كما يقع للنساء في الدنيا .
قال الزمخشري وما أحسن بالمعصم أن يكون فيه سواران ، سوار من ذهب وسوار من فضة . انتهى .
فقوله بالمعصم إما أن يكون مفعول أحسن ، وإما أن يكون بدلاً منه ، وإمّا أن يكون مفعول أحسن ، وقد فصل بينهما بالجار والمجرور .
فإن كان الأول ، فلا يجوز لأنه لم يعهد زيادة الباء في مفعول افعل للتعجب ، لا تقول : ما أحسن بزيد ، تريد : ما أحسن زيداً ، وإن كان الثاني ، ففي مثل هذا الفصل خلاف .
والمنقول عن سيبويه أنه لا يجوز ، والمولد منا إذا تكلم ينبغي أن يتحرز في كلامه عما فيه الخلاف .
{ وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } ، طهور صفة مبالغة في الطهارة ، وهي من فعل لازم ؛ وطهارتها بكونها لم يؤمر باجتنابها ، وليست كخمر الدنيا التي هي في الشرع رجس ؛ أو لكونها لم تدس برجل دنسة ، ولم تمس بيد وضرة ، ولم توضع في إناء لم يعن بتنظيفه .
ذكره بأبسط من هذا الزمخشري ثم قال : أو لأنه لا يؤول إلى النجاسة ، لأنه يرشح عرقاً من أبدانهم له ريح كريح المسك . انتهى .
وهذا الآخر قاله أبو قلابة والنخعيّ وإبراهيم التيمي ، قالوا : لا تنقلب إلى البول ، بل تكون رشحاً من الأبدان أطيب من المسك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.