{ عاليهم ثِيَابُ سُندُسٍ } قرأ نافع وحمزة وابن محيصن ( عَالِيهِم ) بسكون الياء وكسر الهاء على أنه خبر مقدّم ، وثياب مبتدأ مؤخر ، أو على أن عاليهم مبتدأ ، وثياب مرتفع بالفاعلية وإن لم يعتمد الوصف كما هو مذهب الأخفش . وقال الفراء : هو مرفوع بالابتداء ، وخبره : ثياب سندس ، واسم الفاعل مراد به الجمع . وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الهاء على أنه ظرف في محلّ رفع على أنه خبر مقدّم ، وثياب مبتدأ مؤخر ، كأنه قيل فوقهم ثياب . قال الفرّاء : إن عاليهم بمعنى فوقهم ، وكذا قال ابن عطية . قال أبو حيان : عال وعالية اسم فاعل ، فيحتاج في كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولاً من كلام العرب ، وقد تقدّمه إلى هذا الزجاج وقال : هذا مما لا نعرفه في الظروف ولو كان ظرفاً لم يجز إسكان الياء ، ولكنه نصب على الحال من شيئين : أحدهما الهاء والميم في قوله : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ } أي على الأبرار { ولدان } عالياً الأبرار { ثِيَابُ سُندُسٍ } أي يطوف عليهم في هذه الحال . والثاني أن يكون حالاً من الولدان : أي إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً في حال علوّ الثياب أبدانهم . وقال أبو عليّ الفارسي : العامل في الحال إما لقاهم نضرة وسروراً ، وإما جزاهم بما صبروا . قال : ويجوز أن يكون ظرفاً . وقرأ ابن سيرين ومجاهد وأبو حيوة وابن أبي عبلة : ( عليهم ) ، وهي قراءة واضحة المعنى ظاهرة الدلالة . واختار أبو عبيد القراءة الأولى لقراءة ابن مسعود : ( عاليتهم ) . وقرأ الجمهور بإضافة ثياب إلى سندس . وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة بتنوين ثياب وقطعها عن الإضافة ورفع سندس ، و{ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } على أن السندس نعت للثياب ، لأن السندس نوع من الثياب ، وعلى أن { خضر } نعت لسندس ، لأنه يكون أخضر وغير أخضر ، وعلى أن إستبرق معطوف على سندس : أي وثياب إستبرق ، والجمهور من القرّاء اختلفوا في { خضر وإستبرق } مع اتفاقهم على جرّ سندس بإضافة ثياب إليه ؛ فقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم وابن محيصن بجرّ { خُضْرٍ } نعتاً لسندس ، ورفع { إِسْتَبْرَقٌ } عطفاً على ثياب : أي عليهم ثياب سندس وعليهم إستبرق . وقرأ أبو عمرو وابن عامر برفع { خُضْرٌ } نعتاً لثياب ، وجرّ { إِسْتَبْرَقٍ } نعت لسندس . واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد ، لأن الخضر أحسن ما كانت نعتاً للثياب فهي مرفوعة ، والإستبرق من جنس السندس . وقرأ نافع وحفص برفع { خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } لأن { خضر } نعت للثياب ، و«إستبرق » عطف على الثياب . وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي بجرّ ( خُضْرٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ) على أن { خضر } نعت للسندس ، وإستبرق معطوف على سندس . وقرءوا كلهم بصرف إستبرق إلاّ ابن محيصن فإنه لم يصرفه ، قال : لأنه أعجمي ، ولا وجه لهذا لأنه نكرة إلاّ أن يقول إنه علم لهذا الجنس من الثياب . والسندس : ما رقّ من الديباج . والإستبرق : ما غلظ منه ، وقد تقدّم تفسيرهما في سورة الكهف . { وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ } عطف على { يطوف عليهم } . ذكر سبحانه هنا أنهم يحلون بأساور الفضّة وفي سورة فاطر { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } [ فاطر : 33 ] وفي سورة الحج { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } [ الحج : 23 ] ولا تعارض بين هذه الآيات لإمكان الجمع بأن يجعل لهم سوارات من ذهب وفضة ولؤلؤ ، أو بأن المراد أنهم يلبسون سوارات الذهب تارة ، وسوارات الفضة تارة ، وسوارات اللؤلؤ تارة ، أو أنه يلبس كل أحد منه ما تميل إليه نفسه من ذلك ، ويجوز أن تكون هذه الجملة في محلّ نصب على الحال من ضمير عاليهم بتقدير قد { وسقاهم رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } هذا نوع آخر من الشراب الذي يمنّ الله عليهم به . قال الفرّاء : يقول هو طهور ليس بنجس كما كان في الدنيا موصوفاً بالنجاسة . والمعنى : أن ذلك الشراب طاهر ليس كخمر الدنيا . قال مقاتل : هو عين ماء على باب الجنة من شرب منها نزع الله ما كان في قلبه من غشّ وغلّ وحسد . قال أبو قلابة وإبراهيم النخعي : يؤتون بالطعام ، فإذا كان آخره أتوا بالشراب الطهور ، فيشربون فتضمر بطونهم من ذلك ويفيض عرق من أبدانهم مثل ريح المسك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.