من قرأ { عاليهم } بسكون الياء فعلى أنه مبتدأ { وثياب سندس } خبر أي ما يعلوهم من لباسهم ثياب سندس ومن قرأ بالنصب فعلى أنه ظرف بمعنى فوق فيكون خبراً مقدماً . ويجوز أن يكون نصباً على الحال من ضمير الأبرار أي ولقاهم نضرة وسروراً . حال ما يكون عاليهم ثياب سندس . أو يطوف عليهم أي على الأبرار ولدان حال ما يكون عاليهم ثياب سندس . ويحتمل أن يكون العامل { رأيت } والمضاف محذوف والتقدير رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب سندس . من قرأ { خضر } بالرفع فظاهر ، ومن قرأ بالجر فعلى الجوار أو على أنه صفة سندس بالاستقلال لأنه جنس فكان في معنى الجمع كما يقال : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض . وأما الرفع في { إستبرق } فللعطف على ثياب ، والجر للعطف على سندس . وكلاهما ظاهر . قوله { وحلوا أساور من فضة } إن كان الضمير للولدان فلا إشكال لأن أساور المخدومين تكون من ذهب كما قال سبحانه في مواضع { يحلون فيها من أساور من ذهب } [ الكهف :31 ] وأساور الخدام من فضة . وإن كان الضمير للأبرار فلا إشكال أيضاً فلعلهم يسورون بالجنسين إما على المعاقبة وإما على الجمع . وما أحسن بالمعصم أن يكون فيه سواران سوار من ذهب وسوار من فضة . وأيضاً فالطباع مختلفة فرب إنسان يكون استحسانه لبياض الفضة ، ورب إنسان يكون استحسانه لصفرة الذهب فالله تعالى يعطي كل أحد بفضله ما تكون رغبته فيه أتم . وقال بعض أهل التأويل : أساور اليد أعمالها وأكسابها التي صارت ملكات نورانية بها يتوسل إلى جوار الحضرة الصمدية كما أن الذهب والفضة في الدنيا وسائل إلى تحصيل المطالب العاجلة . ثم ختم جزاء الأبرار بقوله { وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } هو إما مبالغة طاهر والمراد أنها ليست بنجسة كخمور الدنيا ولا مستقذرة طبعاً لمساس الأيدي الوضرة والأقدام النجسة والدنسة ، ولا تؤل إلى النجاسة ولكنها ترشح عرقاً من أبدانهم له ريح كريح المسك . وإما مبالغة مطهر . قال أبو قلابة : يؤتون بالطعام والشراب ممزوجاً بالكافور والزنجبيل فإذا كان ذلك سقوا هذا الشراب فتظهر بذلك بطونهم ويفيض عرق من جلودهم كريح المسك . وذكر أصحاب التأويل أن الأنوار الفائضة من العالم العلوي متفاوتة في الصفاء والقوة والتأثير فبعضها كافورية طبعها البرد واليبس ويكون صاحبها في الدنيا في مقام الخوف والبكاء والقبض ، وبعضها زنجبيلياً على طبع الحر واليبس ويكون صاحبها قليل الالتفات إلى ما سوى الله قليل المبالاة بالجسمانيات ، ثم لا يزال الروح الإنساني ينتقل من نوع إلى نوع ومن مقام إلى مقام إلى أن ينتهي إلى حضرة نور الأنوار فيضمحل في نور تجليه سائر الأنوار ، وهذا آخر سير الصديقين ومنتهى درجاتهم في الارتقاء إلى مدراج الكمال ، فلهذا أضاف السقي إلى ذاته قائلاً { وسقاهم ربهم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.