معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَـٰٓفَّـٰتٖۖ كُلّٞ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسۡبِيحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (41)

قوله تعالى : { ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات } باسطات أجنحتهن بالهواء . قيل خص الطير بالذكر من جملة الحيوان لأنها تكون بين السماء والأرض فتكون خارجة عن حكم من في السماء والأرض ، { كل قد علم صلاته وتسبيحه } قال مجاهد : الصلاة لبني آدم ، والتسبيح لسائر الخلق . وقيل : إن ضرب الأجنحة صلاة الطير وصوته تسبيحه . قوله : { كل قد علم } أي : كل مصل ومسبح علم الله صلاته وتسبيحه . وقيل : معناه كل مصل ومسبح منهم قد علم صلاته نفسه وتسبيحه . { والله عليم بما يفعلون* ولله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير* }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَـٰٓفَّـٰتٖۖ كُلّٞ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسۡبِيحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (41)

يخبر تعالى أنه يُسَبِّحه من في السموات والأرض ، أي : من الملائكة والأناسي ، والجان والحيوان ، حتى الجماد ، كما قال تعالى : { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } [ الإسراء : 44 ] .

وقوله : { وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ } أي : في حال طيرانها تسبح ربها وتعبده بتسبيح ألهمها وأرشدها إليه ، وهو يعلم ما هي فاعلة ؛ ولهذا قال : { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } أي : كل قد أرشده إلى طريقته ومسلكه في عبادة الله ، عز وجل .

ثم أخبر أنه عالم بجميع ذلك ، لا يخفى عليه من ذلك شيء ؛ ولهذا{[21285]}قال : { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } .


[21285]:- في ف ، أ : "ولذا".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَـٰٓفَّـٰتٖۖ كُلّٞ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسۡبِيحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (41)

{ ألم تر } تنبيه ، و «الرؤية » رؤية الفكر ، قال سيبويه كأنه قال انتبه الله يسبح له من في السماوات ، والتسبيح هنا التعظيم والتنزيه فهو من العقلاء بالنطق وبالصلاة من كل ذي دين ، واختلف في تسبيح { الطير } وغير ذلك مما قد ورد الكتاب بتسبيحه ، فالجمهور على أنه تسبيح حقيقي وقال الحسن وغيره هو لفظ تجوز وإنما تسبيحه بظهور الحكمة فيه ، فهو لذلك يدعو إلى التسبيح ، وقال المفسرون قوله { من في السماوات والأرض } عامة لكل شيء من له عقل وسائر الجمادات ، لكنه لما اجتمع ذلك عبر عنه ب { من } تغليباً لحكم من يعقل ، و { صافات } معناه مصطفة في الهواء ، وقرأ الأعرج «والطيرَ » بنصب الراء ، وقرأ الحسن و «الطيرُ صافاتٌ » مرفوعتان وقوله : { كل قد علم صلاته وتسبيحه } قال الحسن المعنى كل قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه فهو يثابر عليها ، قال مجاهد «الصلاة » للبشر و «التسبيح » لما عداهم ، وقالت فرقة المعنى كل قد علم صلاة الله وتسبيح الله اللذين أمر بهما وهدى إليهما فهذه إضافة خلق إلى خالق ، وقال الزجاج وغيره المعنى { كل قد علم } الله { صلاته وتسبيحه } فالضميران للكل ، وقرأت فرقة «عُلم صلاتُه وتسبيحُه » بالرفع وبناء الفعل للمفعول الذي لم يسم فاعله ذكرها أبو حاتم .

41