الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَـٰٓفَّـٰتٖۖ كُلّٞ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسۡبِيحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (41)

ثم قال تعالى ذكره{[48947]} : { ألم تر أن الله يسبح له{[48948]} من في السماوات والأرض والطير صافات }[ 40 ] ، أي ألم تر يا محمد بعين قلبك أن الله يصلي له من في السماوات والأرض من مَلك ، وإنس ، وجن ، والطير صافات أيضا في الهواء تسبح لله ، كل قد علم الله صلاته تسبيحه ، قال{[48949]} مجاهد : الصلاة للإنسان ، والتسبيح لما سوى ذلك من الخلق .

وقيل{[48950]} : المعنى كل قد علم صلاة الله . أي الصلاة التي{[48951]} فرض الله وتسبيح الله .

وقوله{[48952]} : { والله عليم / بما يفعلون }[ 40 ] ، يدل على قوة{[48953]} قول من قال : معناه : قد علم الله صلاته وتسبيحه . وإظهار اسم الله في { والله عليم }[ 40 ] ، يدل على قوة كون الضمير في الموضعين لغير الله ، إذ لو كان لله لم يظهر الاسم ، لتقدم ذكره في قوله تعالى : { أن الله يسبح }[ 40 ] ، وكان يلزم{[48954]} أن يكون " وهو عليم " . و{[48955]} إنما يجوز في هذا لأن المعنى لا يشكل ، فلا يظن فيه أن الثاني غير الأول ، وهو مثل :

" لا{[48956]} أرى الموت يسبق الموت{[48957]} شيء{[48958]} " .

وقيل{[48959]} : معنى{[48960]} التسبيح من الخلق كلهم ، في هذا هو أن ما في الخلق من الدلالة على قدرة الله ، تنزيه له من كل سوء{[48961]} ، ومن أن يعبد غيره ، وليس هو تسبيح على الحقيقة ، إذ لو كانت الطير تسبح{[48962]} على الحقيقة لكانت مكلفة بالطاعة ، ولكانت{[48963]} بمنزلة{[48964]} العقلاء{[48965]} من الناس المكلفين ، فهو مجاز{[48966]} في{[48967]} ما لا يعقل . والقول الأول عليه أكثر الناس . ومعنى { عليم بما يفعلون }[ 40 ] ، أي هو ذو علم بما يفعل كل مصل ومسبح منهم ، لا يخفى عليه شيء .

وتقف{[48968]} على { تسبيحه }[ 40 ] ، إذا جعلت الضمير يعود على المصلي والمسبح ، ثم تبتدئ { والله عليم بما يفعلون }[ 40 ] ، وإن جعلت الضمير يعود على الله أو جعلت{[48969]} الضمير في علم الله ، لم تقف إلا على { يفعلون } لأن الاسم قد ظهر وهو أفخم{[48970]} عند سيبويه من إضماره في مثل هذا المعنى لا يشكل .


[48947]:"تعالى ذكره" سقطت من ز.
[48948]:"من" ساقطة من ز.
[48949]:انظر: تفسير ابن جرير 18/152، وأحكام القرآن للجصاص 3328، والقرطبي12/286، والبحر6/463-464، ومجمع البيان 18/211، وفتح القدير 4/43.
[48950]:انظر: زاد المسير6/52، والقرطبي 12/287، والخازن 5/83، ومجمع البيان 18/58، وفتح القدير 4/40.
[48951]:انظر: تفسير ابن جرير 18/152، والرازي 24/10.
[48952]:"التي" سقطت من ز.
[48953]:"وقوله" سقطت من ز.
[48954]:"تعالى" سقطت من ز.
[48955]:ز: فإنما.
[48956]:ع: ولا أرى: ولا يستقيم معه الوزن
[48957]:"الموت" سقطت من ز.
[48958]:انظر: الكتاب 1/62 وهو من شواهد سيبويه، نسبه سيبويه لسوادة بن عدي، وذكر الأعلام الشنتمري أنه نسب لأمية بن أبي الصلت. انظر: تحصيل عين الذهب ص42، تحقيق إبراهيم أزوغ. رسالة قدمت لنيل دبلوم الدراسات العليا بكلية الآداب (فاس) سنة1987.
[48959]:قاله مجاهد، انظر: تفسير ابن جرير18/152.
[48960]:ز: معناه.
[48961]:ز: شيء.
[48962]:ز: تسبيح.
[48963]:ز: ولو كانت.
[48964]:بعده في ز: ذوي.
[48965]:ز: العقل.
[48966]:ز: جاز.
[48967]:ز: فيها.
[48968]:انظر: المكتفى ص410، ومنار الهدى ص269.
[48969]:ز: وجعلت.
[48970]:ز: اسم.