معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

قوله تعالى : { أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم } يعني : ألهم ؟ والميم صلة .

قوله تعالى : { نصيب } . حظ .

قوله تعالى : { من الملك } . وهذا على جهة الإنكار ، يعني : ليس لهم من الملك شيء ، ولو كان لهم من الملك شيء .

قوله تعالى { فإذا لا يؤتون الناس نقيراً } ، لحسدهم وبخلهم . والنقير : النقطة التي تكون في ظهر النواة ومنها تنبت النخلة ، وقال أبو العالية : هو نقر الرجل الشيء بطرف أصبعيه كما ينقر الدرهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

يقول تعالى : { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ } ؟ ! وهذا استفهام إنكار ، أي : ليس لهم نصيب من الملك{[7755]} ثم وصفهم بالبخل فقال : { فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا } أي : لأنهم لو كان لهم نصيب في الملك والتصرف لما أعطوا أحدا من الناس - ولا سيما محمدا صلى الله عليه وسلم - شيئًا ، ولا ما يملأ " النقير " ، وهو النقطة التي في النواة ، في قول ابن عباس والأكثرين .

وهذه الآية كقوله تعالى { قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ } [ الإسراء : 100 ]أي : خوف أن يذهب ما بأيديكم ، مع أنه لا يتصور نفاده ، وإنما هو من بخلكم وشحكم ؛ ولهذا قال : { وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا } [ الإسراء : 100 ]أي : بخيلا .


[7755]:في د: "ليس لهم من نصيب"، وفي ر، أ: "ليس لهم نصيب في الملك".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

{ أم لهم نصيب من الملك } أم منقطعة ومعنى الهمزة إنكار أن يكون لهم نصيب من الملك وجحد لما زعمت اليهود من أن الملك سيصير إليهم . { فإذا لا يؤتون الناس نقيرا } أي لو كان لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون أحدا ما يوازي نقيرا ، وهو النقرة في ظهر النواة . وهذا هو الإغراق في بيان شحهم فإنهم إن بخلوا بالنقير وهم ملوك فما ظنك بهم إذا كانوا فقراء أذلاء متفاقرين ، ويجوز أن يكون المعنى إنكار أنهم أوتوا نصيبا من الملك على الكناية ، وأنهم لا يؤتون الناس شيئا وإذا وقع بعد الواو والفاء لا لتشريك مفرد جاز فيه الإلغاء والإعمال ، ولذلك قرئ فإذا لا يؤتوا الناس على النصب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

عرف { أم } أن تعطف بعد استفهام متقدم ، كقولك : أقام زيد أم عمرو ، فإذا وردت ولم يتقدمها استفهام ، فمذهب سيبويه : أنها مضمنة معنى الإضراب عن الكلام الأول والقطع منه ، وهي مضمنة مع ذلك معنى الاستفهام ، فهي بمعنى «بل » مع ألف الاستفهام ، كقول العرب : إنها لإبل أم شاء? فالتقدير عند سيبويه ، أنها لإبل بل أهي شاء . وكذلك هذا الموضع ، تقديره : بل ألهم نصيب من الملك ؟ وقد حكي عن بعض النحويين ، أن { أم } يستفهم بها ابتداء دون تقدم استفهام ، حكاه ابن قتيبة في المشكل ، وهذا غير مشهور للعرب ، وقال بعض المفسرين : { أم } بمعنى بل ، ولم يذكروا الألف اللازمة ، فأوجبوا على هذا حصول الملك للمذكورين في الآية ، والتزموا ذلك وفسروا عليه ، فالمعنى عندهم : بل هم ملوك أهل دنيا وعتو وتنعم ، لا يبغون غيره ، فهم بخلاء به ، حريصون على أن لا يكون ظهور لسواهم .

قال القاضي أبو محمد : والمعنى على الأرجح الذي هو مذهب سيبويه والحذاق ، أنه استفهام على معنى الإنكار ، أي ألهم ملك ؟ فإذاً لوكان لبخلوا ، وقرأ ابن مسعود «فإذا لا يؤتوا » بغير نون على إعمال «إذاً » والمصحف على إلغائها ، والوجهان جائزان ، وإن كانت صدراً من أجل دخول الفاء عليها ، والنقير ، أعرف ما فيه أنها النكتة التي في ظهر النواة من التمرة ، ومن هنالك تنبت ، وهو قول الجمهور ، وقالت فرقة : هي النقطة التي في بطن النواة ، وروي عن ابن عباس أنه قال : هو نقر الإنسان بأصبعه ، وهذا كله يجمعه أنه كناية عن الغاية في الحقارة والقلة على مجاز العرب واستعارتها ، و { إذاً } في هذه الآية ملغاة لدخول فاء العطف عليها ، ويجوز إعمالها ، والإلغاء أفصح ، وذلك أنها إذا تقدمت أعملت قولاً واحداً ، ، فإذا دخل عليها وهي متقدمة فاء أو واو جاز إعمالها والإلغاء أفصح وهي لغة القرآن وتكتب «إذاً » بالنون وبالألف ، فالنون هو الأصل ، كعن ومن ، وجاز كتبها بالألف لصحة الوقوف عليها فأشبهت نون التنوين ، ولا يصح الوقوف على «عن ومن » .